للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعصر، تقديمًا أو تأخيرًا، وكذا المغرب والعشاء هما من شأنه أن يجمع بسبب من الأسباب الشرعية، فإذا تعاطاه أحد بغير شيء من تلك الأسباب يكون مرتكبًا كبيرة، فما ظنك بترك الصلاة بالكلية، ولهذا روى مسلم في صحيحه عن رسول الله أنه قال: "بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة" (١). وفي السنن مرفوعًا عنه أنه قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" (٢)، وقال: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" (٣)، وقال: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" (٤).

(حديث آخر) فيه اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، حدثنا أبي، حدثنا شبيب بن بشر (٥)، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله كان متكئًا، فدخل عليه رجل فقال: ما الكبائر؟ فقال: "الشرك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وهذا أكبر الكبائر" (٦)، وقد رواه البزار عن عبد الله بن إسحاق العطار، عن أبي عاصم النبيل، عن شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رجلًا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله ﷿ " (٧) وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفًا، فقد روي عن ابن مسعود نحو ذلك. قال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، أخبرنا مطرف، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن أبي الطفيل قال: قال ابن مسعود: أكبر الكبائر الإشراك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وكذا رواه من حديث الأعمش وأبي إسحاق عن وبرة عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود به (٨)، ثم رواه من طرق عدة عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود وهو صحيح إليه بلا شك.

(حديث آخر) فيه سوء الظن بالله. قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن إبراهيم بن بندار، حدثنا أبو حاتم بكر بن عبدان، حدثنا محمد بن عمر بن مهاجر، حدثنا أبو حذيفة إسحاق البخاري، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: أكبر الكبائر سوء الظن بالله ﷿ (٩). حديث غريب جدًّا.


(١) صحيح مسلم، الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (ح ١٣٤).
(٢) سنن الترمذي، الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة (ح ٢٦٢١)، وسنن النسائي، الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة ١/ ٢٣١، وسنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة (ح ١٠٧٩)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٧٢٦).
(٣) صحيح البخاري، مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر (ح ٥٥٣).
(٤) صحيح مسلم، المساجد، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر (ح ٦٢٦).
(٥) في الأصل: "بسر" والتصويب من تفسير ابن أبي حاتم ونسخة (ح) و (حم) و (مح).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده شبيب بن بشر: صدوق يخطئ كما في التقريب، ولعله هو الذي رفع الحديث والأصح وقفه.
(٧) كشف الأستار (ح ١٠٦).
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، ومن طرق أخرى وجزم الحافظ ابن كثير بصحته.
(٩) في سنده إسحاق بن بشر قال ابن عدي: أحاديثه كلها غير محفوظة ومنكرة إما إسنادًا أو متنًا، لا يتابعه أحد عليها (الكامل ١/ ٣٣١).