للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال تعالى: ﴿وَالْيَتَامَى﴾ وذلك لأنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم ومن ينفق عليهم فأمر اللّه بالإحسان إليهم والحنو عليهم ثم قال: ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ وهم المحاويج من ذوي الحاجات الذين لا يجدون ما يقوم بكفايتهم، فأمر اللّه سبحانه بمساعدتهم بما تتم به كفايتهم وتزول به ضرورتهم وسيأتي الكلام على الفقير والمسكين في سورة براءة.

وقوله: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ يعني: الذي بينك وبينه قرابة، ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ الذي ليس بينك وبينه قرابة (١)، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وميمون بن مهران والضحاك وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة (٢).

وقال أبو إسحاق، عن نوف البكالي في قوله: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ يعني: الجار المسلم، ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ يعني: اليهودي والنصراني، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (٣).

وقال جابر الجعفي: عن الشعبي، عن علي وابن مسعود: والجار ذي القربى، يعني المرأة (٤).

وقال مجاهد أيضًا في قوله: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ يعني: الرفيق في السفر (٥)، وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار، فلنذكر منها ما تيسر وباللّه المستعان:

(الحديث الأول): قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمر بن محمد بن زيد أنه سمع أباه محمدًا يحدث عن عبد اللّه بن عمر: أن رسول اللّه قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" (٦) أخرجاه في الصحيحين من حديث عمر بن محمد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر به (٧).

(الحديث الثاني): قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن داود بن شابور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عَمْرو، قال: قال رسول اللّه : "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" وروى أبو داود والترمذي نحوه من حديث سفيان بن عيينة، عن [بشير] (٨) أبي إسماعيل، زاد الترمذي: وداود بن شابور، كلاهما عن مجاهد به، ثم قال الترمذي: حسن غريب من هذا


= ذي القرابة (ح ٦٥٨)، وابن خزيمة في صحيحه (ح ٢٠٦٧)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٤٠٧) وفي سنده: الرُباب بنت صُليع أم الرائح مقبولة (التقريب ص ٧٤٧)، ويشهد له حديث زينب الثقفية وفيه: لها أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة (صحيح البخاري الزكاة، باب الزكاة على الزوج (ح ١٤٦٦)، وصحيح مسلم، الزكاة، باب فضل الصدقة والنفقة (ح ١٠٠٠).
(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عنه.
(٢) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي إسحاق السبيعي عن نوف به، وأخرجه ابن أبي حاتم معلقًا.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن جابر الجعفي به وسنده ضعيف لضعف جابر الجعفي.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أبي عبد اللّه سليم المكي عن مجاهد.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ح ٥٥٧٧)، وسنده صحيح.
(٧) صحيح البخاري، الأدب، باب الوصاة بالجار (ح ٦٠١٤)، وصحيح مسلم، البر، باب الوصية بالجار (ص ٢٦٢٤).
(٨) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "بشر" وهو تصحيف.