للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسحاق [السبيعي] (١)، قال: لما نزلت ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾، قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي ، فقال: "إن من أمتي لرجالًا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي" (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن منير، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: لما نزلت: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ … ﴾ الآية، قال أناس من أصحاب النبي : لو فعل ربنا لفعلنا، فبلغ النبي ، فقال: "للإيمان أثبت في قلوب أهله من الجبال الرواسي" (٣).

وقال السدي: افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من اليهود، فقال اليهودي: والله لقد كتب الله علينا القتل فقتلنا أنفسنا، فقال ثابت: والله لو كتب علينا ﴿أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ لفعلنا، فأنزل الله هذه الآية. رواه ابن أبي حاتم (٤) وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا بشر بن السري، حدثنا مصعب بن ثابت، عن عمه عامر بن عبد الله بن الزبير قال: لما نزلت ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ قال أبو بكر: يا رسول الله والله لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت. قال: "صدقت يا أبا بكر" (٥)، وحدثنا أبي، ثنا محمد بن أبي عمر العدني قال: سئل سفيان عن قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ قال: قال رسول الله : "لو نزلت لكان ابن أُم عبد منهم" (٦).

وحدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، قال: لما تلا رسول الله هذه الآية ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ أشار رسول الله بيده إلى عبد الله بن رواحة، فقال: "لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل" يعني: ابن رواحة (٧)، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ﴾ أي ولو أنهم فعلوا ما يؤمرون به وتركوا ما ينهون عنه ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ أي: من مخالفة الأمر وارتكاب النهي ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.

قال السدي: أي: وأشد تصديقًا (٨)

﴿وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا﴾ أي: من عندنا ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ يعني: الجنة

﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨)﴾ أي: في الدنيا والآخرة،

ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)﴾ أي: من عمل بما أمره الله به وترك ما نهاه الله عنه ورسوله فإن الله ﷿ يسكنه دار كرامته


(١) كذا في (حم) و (مح) وتفسير الطبري، وفي الأصل: "الشعيبي" وهو تصحيف.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل ويتقوى بالمرسل التالي.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن مرسل.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه وسنده حسن لكنه مرسل.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن مصعب بن ثابت لين الحديث كما في التقريب، وعامر لم يدرك أبا بكر الصديق.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن لكنه مرسل.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومته، وسنده حسن لكنه مرسل لأن شريح بن عبيد تابعي.
(٨) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.