للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن عمار الموصلي، حدثنا عفيف بن سالم، عن أيوب بن عتبة، عن عطاء، عن ابن عمر، قال: أتى رجل من الحبشة إلى رسول الله يسأله فقال له رسول الله : "سل واستفهم" فقال: يا رسول الله فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، ثم قال: أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به، إني لكائن معك في الجنة، قال رسول الله : "نعم، والذي نفسي بيده، إنه ليُرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام" ثم قال رسول الله : "من قال: لا إله إلا الله، كان له بها عهد عند الله، ومن قال: سبحان الله وبحمده، كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة" فقال رجل: كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله؟ فقال رسول الله : "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة من نعم الله، فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول الله برحمته" ونزلت هذه الآيات ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ إلى قوله: ﴿نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ [الإنسان: ١ - ٢٠] فقال الحبشي: وإن عينيّ لتريان ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال رسول الله : "نعم" فاستبكى حتى فاضت نفسه، قال ابن عمر: فلقد رأيت رسول الله يدليه في حفرته بيديه (١). فيه غرابة ونكارة وسنده ضعيف، ولهذا قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: من عند الله برحمته وهو الذي أهلهم لذلك لا بأعمالهم ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ أي: هو عليم بمن يستحق الهداية والتوفيق.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (٧٢) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧٣) * فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (٧٤)﴾.

يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد، وتكثير العدد بالنفير في سبيل الله ﴿ثُبَاتٍ﴾ أي: جماعة بعد جماعة وفرقة بعد فرقة وسرية بعد سرية، والثباب جمع ثبة، وقد تجمع الثبة على ثبين.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ﴾ أي: عصبًا، يعني: سرايا متفرقين، ﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ يعني: كلكم (٢)، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان وخُصيف الجزري (٣).


= الحافظ ابن حجر: فيه نظر (تعجيل المنفعة ص ٣٣٣)، ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري السابق المتفق عليه.
(١) المعجم الكبير ١٢/ ٤٣٦ (ح ١٣٥٩٥)، وضعف سنده الهيثمي بسبب ضعف أيوب بن عتبة (مجمع الزوائد ١٠/ ٤١٠)، وضعفه الحافظ ابن كثير سندًا ومتنًا.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عن علي بن أبي طلحة به.
(٣) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند، وأخرج الطبري أثر السدي وقتادة كل واحد بإسناد حسن.