للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم".

وحدثنا (١) يزيد، عن شريك، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر، عن عليم قال: كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري - فرأى الناس يخرجون في الطاعون قال: ما هؤلاء؟ قال: يفرون من الطاعون فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: أتتمنى الموت وقد سمعت رسول الله يقول: "لا يتمنين أحدكم الموت"؟ فقال: إني أبادر خصالًا، سمعت رسول الله يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم وقطيعة الرحم وقوم يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناءً، وذكر خلتين آخرتين.

وحدثنا يعقوب بن (٢) إبراهيم، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن عمير، عن زاذان، عن عابس الغفاري، عن النبي مثل ذلك أو نحوه.

وحدثنا (٣) يعقوب، عن إبراهيم، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس أنه سمع رجلًا يقرأ القرآن بهذه الألحان التي أحدث الناس فأنكر ذلك ونهى عنه.

وهذه طرق حسنة (٤) في باب الترهيب.

وهذا يدل على أنه محذور كبير وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفًا أو ينقص حرفًا فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم.


(١) أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص ٨١) وفي "الغريب" (٢/ ١٤١).
وأخرجه أحمد (٣/ ٤٩٤)؛ والبخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ٢/ ٨٠)؛ وعنه البيهقي في "الشعب" (٥/ ٥٨٣)؛ والطحاوي في "المشكل" (٢/ ١٦٠)؛ وأبو غرزة الحافظ في "مسند عابس"؛ وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (٧٨/ ١)؛ كما في "الصحيحة" (٩٧٩)؛ والجوزقاني في "الأباطيل" (٧٢٤) من طريق شريك النخعي بسنده سواء. وسنده ضعيف، وقال الجوزقاني: "باطل" وليس كما قال والصواب أنه حديث حسن أو صحيح كما حققته في "التسلية".
(٢) أبو عبيد في "الفضائل" (ص ٨١). وأخرجه البخاري في "الكبير" (٤/ ١/ ٨٠)؛ وعنه البيهقي في "الشعب" (ج ٥/ رقم ٢٤٠٩)؛ والطبراني في "الكبير" (ج ١٨/ رقم ٥٨، ٥٩) من طرق عن ليث بن أبي سليم وقد خالف شريكًا بإسقاط "عليم" من السند، وروايته أرجح من رواية شريك. فقد تابعه سليمان التيمي عند الطبراني (٦٠) وله طريق قوي يرويه موسى بن عبد الله الجهني عن زاذان عابس الغفاري.
أخرجه الخراطي في "مساوئ الأخلاق" (٢٧٧)؛ والطبراني في "الكبير" (١٨/ رقم ٦٢، ٦٣)، وفي "الأوسط" (٦٨٩)؛ وقال الهيثمي (٥/ ٢٤٥): "رجاله رجال الصحيح" وله شواهد عن جماعة من الصحابة.
(٣) أبو عبيد (ص ٨١).
وخولف يعقوب بن إبراهيم. خالفه عبد الله بن إدريس فرواه عن الأعمش قال: قرأ رجل عند أنس بلحن من هذه الألحان فكره أنس ذلك. أخرجه الدارمي (٢/ ٣٤٠) والمخالفة أن ابن إدريس جعله عن الأعمش عن أنس. ولم يسمع منه. والصواب أنه يروى عنه بالواسطة وأخرجه أيضًا ابن نصر في "قيام الليل" (ص ٢٣٧).
(٤) يعني: بتعاضدها، والله أعلم.