للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي: إنه يبدأ فيقول: أنا نبي فلا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولا ترون ربكم حتَّى تموتوا، وإنه أعور وإن ربكم ﷿ ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنة ونارًا، فناره جنة وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث باللّه، وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردًا وسلامًا، كما كانت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت أمك وأباك، أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك، وإن من فتنته أن يُسلط على نفسٍ واحدة فينشرها بالمنشار حتَّى تلقى شقين، ثم يقول: انظر إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له ربًا غيري، فيبعثه الله فيقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وأنت عدو الله الدجال، واللّه ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم".

قال أبو الحسن [الطنافسي: فحدثنا المحاربي] (١)، حَدَّثَنَا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه : "ذلك الرجل أرفع أُمتي درجة في الجنة" قال أبو سعيد: واللّه ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب، حتَّى مضى لسبيله.

ثم قال المحاربي: رجعنا إلى حديث أبي رافع قال: وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، فيأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتَّى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت، وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعًا، وأنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة، فإنه لا يأتيهما من نقب (٢) من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صَلتةً (٣) حتَّى ينزل عند الظريب (٤) الأحمر عند منقطع السبخة (٥)، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويُدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.

فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله، فأين العرب يومئذٍ؟ قال: "هم قليل وجلهم يومئذٍ ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى ابن مريم ، فرجع ذلك الإمام يمشي القهقهرى ليتقدم عيسى ، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول: تقدم فصل، فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب، فيفتح، ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج (٦)، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربًا، فيقول عيسى: إن لي فيك ضربة لم تسبقني بها، فيدركه عند باب لد (٧) الشرقي فيقتله، ويهزم الله اليهود فلا يبق شيء مما خلق الله تعلى يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة


(١) كذا في (حم) و (مح) وفي الأصل: "الطيالسي فحدثنا المجازي" وهو تصحيف.
(٢) النقب: هو طريق بين جبلين وبيان هذا الغريب من حاشية سنن ابن ماجة.
(٣) صلتة: أي مجردة، يقال: أصلت السيف إذا جرّده من غمده.
(٤) الظُّريب: تصغير ظرب وهو الجبل الصغير.
(٥) الأرض التي تعلوها الملوحة.
(٦) وهو الطيلسان الأخضر، وقيل الطيلسان المقور.
(٧) باب لد: بلدة قريبة من بيت المقدس.