للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد: هي من الوجه، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام: إذا نبتت لحيته طلع وجهه، ويستحب للمتوضئ أن يخلل لحيته إذا كانت كثيفة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا إسرائيل، عن عامر بن شقيق بن جمرة، عن أبي وائل، قال: رأيت عثمان يتوضأ، فذكر الحديث، قال: وخلل اللحية ثلاثًا حين غسل وجهه، ثم قال: رأيت رسول الله فعل الذي رأيتموني فعلت (١)، رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد الرزاق، وقال الترمذي: حسن صحيح، وحسنه البخاري (٢).

قال أبو داود: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا أبو المليح، حدثنا [الوليد بن زوران] (٣) عن أنس بن مالك أن رسول الله كان إذا توضأ، أخذ كفًا من ماء فأدخله تحت حنكه يخلل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني به ربي ﷿ " (٤) تفرد به أبو داود، وقد روي هذا الوجه من غير وجه عن أنس، قال البيهقي: وروينا في تخليل اللحية عن عمار وعائشة وأم سلمة، عن النبي ، ثم عن علي وغيره، وروينا في الرخصة في تركه عن ابن عمر والحسن بن علي، ثم عن النخعي وجماعة من التابعين (٥).

وقد ثبت عن النبي من غير وجه في الصحاح وغيرها أنه كان إذا توضأ تمضمض واستنشق، فاختلف الأئمة في ذلك هل هما واجبان في الوضوء والغسل كما هو مذهب أحمد بن حنبل أو مستحبان فيهما كما هو مذهب الشافعي ومالك، لما ثبت في الحديث الذي رواه أهل السنن، وصححه ابن خزيمة عن رفاعة بن رافع الزرقي أن النبي قال للمسيء صلاته: "توضأ كما أمرك الله" (٦)، أو يجبان في الغسل دون الوضوء كما هو مذهب أبي حنيفة، أو يجب الاستنشاق دون المضمضة كما هو رواية عن الإمام أحمد، لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال: "من توضأ فليستنثر" (٧)، وفي رواية: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر" والانتثار: هو المبالغة في الاستنشاق.


(١) أخرجه الحاكم من طريق الإمام أحمد بسنده ومتنه وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن عامر بن شفيق ضعفه ابن معين (المستدرك ١/ ٥٤)، وصححه غيره كما يلي:
(٢) سنن الترمذي، الطهارة، باب ما جاء في تخليل اللحية (ح ٣١)، وسنن ابن ماجه، الطهارة، باب ما جاء في تخليل اللحية (ح ٤٣٠) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٤٥).
(٣) كذا في (مح) وسنن أبي داود، وفي الأصل و (حم): "الوليد بن وردان" وهو تصحيف.
(٤) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الطهارة، باب تخليل اللحية ح ١٤٥)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٣٢)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ١٤٩)، وصححه ابن القطان وابن الملقن البدر المنير ٣/ ٣٩٨).
(٥) السنن الكبرى ١/ ٥٤.
(٦) سنن أبي داود، الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع (ح ٨٦١)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٧٦٧)، وأخرجه ابن خزيمة في الصحيح (ح ٥٤٥)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٢٤١).
(٧) صحيح البخاري، الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء (ح ١٦١)، وصحيح مسلم، الطهارة، باب الإيتار في الاستنثار (ح ٢٣٧).