للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوضوء؟ فقال: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" (١) وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع، والنسائي عن زياد بن أيوب، عن إسماعيل - وهو ابن علية - به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن (٢).

وروى مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس قال: كنا عند النبي فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي بطعام، فقيل: يا رسول الله ألا تتوضأ؟ فقال: "لم أصل فأتوضأ" (٣).

وقوله: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ قد استدل طائفة من العلماء بقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ على وجوب النية في الوضوء، لأن تقدير الكلام ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ لها كما تقول العرب: إذا رأيت الأمير فقم، أي له. وقد ثبت في الصحيحين حديث "الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (٤)، ويستحب قبل غسل الوجه أن يذكر اسم الله تعالى على وضوئه، لما ورد في الحديث من طرق جيدة عن جماعة من الصحابة، عن النبي أنه قال: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (٥)، ويستحب أن يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء ويتأكد ذلك عند القيام من النوم، لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" (٦) وحد الوجه عند الفقهاء ما بين منابت شعر الرأس، ولا اعتبار بالصلع ولا بالغَمَم إلى منتهى اللحيين والذقن طولًا، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا وفي النزعتين (٧) والتحذيف (٨) خلاف: هل هما من الرأس أو الوجه؟ وفي المسترسل من اللحية عن محل الفرض، قولان:

(أحدهما): أنه يجب إفاضة الماء عليه لأنه تقع به المواجهة.

وروى في حديث أن النبي رأى رجلًا مغطيًا لحيته فقال: "اكشفها فإن اللحية من الوجه" (٩)


(١) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الأطعمة، باب غسل اليدين عند الطعام ح ٣٧٦٠) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣١٩٧)، وحسنه البغوي (شرح السنة ١١/ ٢٨٣).
(٢) سنن الترمذي، الأطعمة، باب في ترك الوضوء قبل الطعام (ح ١٨٤٧) وقال: حسن صحيح، وسنن النسائي، الطهارة باب الوضوء لكل صلاة (١/ ٨٥).
(٣) صحيح مسلم، الحيض، باب جواز أكل المحدث الطعام ح ٣٧٤.
(٤) صحيح البخاري، بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي (ح ١) وصحيح مسلم، الإمارة، باب إنما الأعمال بالنية (ح ١٩٠٧).
(٥) حسن بمجموع طرقه (ينظر: التلخيص الحبير ١/ ٨٦، وإرواء الغليل ح ٨١)، ولهذا ذكر الحافظ ابن كثير أنه روي من طرق جيدة.
(٦) صحيح البخاري، الوضوء، باب الاستجمار وترًا (ح ١٦٢)، وصحيح مسلم، الطهارة، باب كراهية غمس المتوضئ وغيره … (ح ٢٧٨).
(٧) النزعتان: جانبًا الجبهة (ينظر: المصباح المنير ٢/ ٢٦٨).
(٨) التحذيف: ما يعتاد النساء تنحية الشعر عنه، وهو القدر الذي يقع في جانب الوجه (المصباح المنير ١/ ١٣٧).
(٩) ضعفه الحافظ ابن حجر (التلخيص الحبير ١/ ٦٨).