للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن سيرين: كان الخلفاء يتوضؤون لكل صلاة، وأما ما رواه أبو داود الطيالسي عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء (١)، فهو غريب عن سعيد بن المسيب، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد، وأما مشروعيته استحبابًا فقد دلّت السنة على ذلك.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن عمرو بن عامر الأنصاري، سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي يتوضأ عند كل صلاة، قال: قلت: فأنتم كيف كنتم تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث (٢).

وقد رواه البخاري وأهل السنن من غير وجه عن عمرو بن عامر به (٣).

وقال ابن جرير: حدثنا أبو سعيد البغدادي، حدثنا إسحاق بن منصور، عن هريم، عن عبد الرحمن بن زياد - هو: الأفريقي -، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : "من توضأ على طهر، كتب له عشر حسنات" ورواه أيضًا من حديث عيسى بن يونس عن الأفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، فذكره (٤)، وفيه قصة. وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، من حديث الأفريقي به نحوه. وقال الترمذي: وهو إسناد ضعيف (٥).

وقال ابن جرير: وقد قال قوم: إن هذه الآية نزلت إعلامًا من الله أن الوضوء لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال، وذلك لأنه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلها حتى يتوضأ.

حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه، قال: كان رسول الله إذا أراق البول نكلمه ولا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يردّ علينا، حتى نزلت آية الرخصة ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ الآية (٦)، ورواه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم، عن أبي كريب به نحوه، وهو حديث غريب جدًّا، وجابر هذا هو ابن زيد الجعفي ضعفوه.

وقال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله خرج من الخلاء فقدم إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك


(١) أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن أبي هلال عن قتادة به (المصنف ١/ ٤٢)، وسنده حسن. وأبو هلال هو محمد بن سليم.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١٣٢)، وسنده صحيح.
(٣) صحيح البخاري، الطهارة، باب الوضوء من غير حدث (ح ٢١٤).
(٤) أخرجه الطبري بسنديه ومتنه، وسنده ضعيف كما نقل الحافظ ابن كثير، بسبب ضعف عبد الرحمن بن زياد الأفريقي.
(٥) سنن أبي داود، الطهارة، باب الرجل يجدد الوضوء، من غير حدث (ح ٦٢)، وسنن الترمذي، الطهارة، باب الوضوء لكل صلاة (ح ٥٩) وسنن ابن ماجه، الطهارة، باب الوضوء على الطهارة (ح ٥١٢)، وسنده كسابقه.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفيه جابر وهو ابن زيد الجعفي ضعيف (مجمع الزوائد ١/ ٢٨١).