للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان (١). وكذا روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو معمر المنقري، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ قال: هو المسح (٣). ثم قال: وروي عن ابن عمر وعلقمة وأبي جعفر محمد بن علي والحسن في إحدى الروايات، وجابر بن زيد ومجاهد في إحدى الروايات، نحوه (٤).

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب قال: رأيت عكرمة، يمسح على رجليه، قال: وكان يقوله (٥).

وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب، حدثنا ابن إدريس، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح (٦)، ثم قال الشعبي: ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلًا ويلغي ما كان مسحًا (٧). وحدثنا ابن أبي زياد، أخبرنا إسماعيل قلت لعامر: إن ناسًا يقولون: إن جبريل نزل بغسل الرجلين؟ فقال: نزل جبريل بالمسح.

فهذه آثار غريبة جدًّا، وهي محمولة على أن المراد بالمسح هو الغسل الخفيف لما سنذكره من السُنّة الثابتة في وجوب غسل الرجلين، وإنما جاءت هذه القراءة بالخفض إما على المجاورة وتناسب الكلام كما في قول العرب: جُحْر ضَبّ خرب، وكقوله تعالى: ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ [الإنسان: ٢١] وهذا ذائع شائع في لغة العرب سائغ.

ومنهم من قال: هي محمولة على مسح القدمين إذا كان عليهما الخفان، قاله أبو عبد الله الشافعي . ومنهم من قال: هي دالة على مسح الرجلين، ولكن المراد بذلك الغسل الخفيف كما وردت به السنة، وعلى كل تقدير فالواجب غسل الرجلين فرضًا لا بدّ منه للآية والأحاديث التي سنوردها، ومن أحسن ما يستدل على أن المسح يطلق على الغسل الخفيف ما رواه الحافظ البيهقي حيث قال: أخبرنا أبو علي الروذباري، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حمويه العسكري، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا عبد الملك بن ميسرة، سمعت النزال بن سبرة يحدث عن علي بن أبي طالب أنه صلى الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر، ثم أتي بكوز من ماء فأخذ منه حفنة واحدة، فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضلته وهو قائم، ثم قال: إن ناسًا


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه عبد الرزاق من طريق ابن جريج أنه سمع عكرمة عن ابن عباس بلفظه (المصنف رقم ٥٥) وسنده صحيح.
(٢) أخرجه الطبري من طريق سعيد به، وسنده صحيح.
(٣) سنده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان ولأن يوسف بن مهران: لين الحديث.
(٤) ما ورد عن علقمة أنه قرأ بالخفص وكذا عن مجاهد وقد أخرج أثرهما بسند ضعيف.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح ولعله يقصد نزول جبريل بالقراءة على الخفض "بأرجلِكم".
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.