للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يديه من أطراف أنامله، ثم يمسح رأسه إلا خرّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا خرّت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء، ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل، ثم يركع ركعتين إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".

قال أبو أُمامة: يا عمرو، انظر ما تقول، سمعت هذا من رسول الله أيعطى هذا الرجل كله في مقامه؟ فقال عمرو بن عبسة: يا أبا أُمامة، لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله وعلى رسول الله لم أسمعه من رسول الله إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا، لقد سمعته سبع مرات أو أكثر من ذلك (١).

وهذا إسناد صحيح.

وهو في صحيح مسلم من وجه آخر، وفيه: ثم يغسل قدميه كما أمره الله (٢)، فدلَّ على أن القرآن يأمر بالغسل.

وهكذا روى أبو إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب أنه قال: اغسلوا القدمين إلى الكعبين كما أمرتم (٣)، ومن ههنا يتضح لك المراد من حديث عبد خير عن علي أن رسول الله رش على قدميه الماء وهما في النعلين، فدلكهما (٤)، إنما أراد غسلًا خفيفًا، وهما في النعلين، ولا مانع من إيجاد الغسل والرجل في نعلها، ولكن في هذا رد على المتعمقين والمتنطعين من الموسوسين.

وهكذا الحديث الذي أورده ابن جرير على نفسه، وهو من روايته عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: أتى رسول الله سُباطةَ قوم (٥)، فبال قائمًا ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه (٦). وهو حديث صحيح وقد أجاب ابن جرير عنه بأن الثقات الحفاظ رووه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: فبال قائمًا ثم توضأ ومسح على خفيه (٧). قلت: ويحتمل الجمع بينهما بأن يكون في رجليه خفان وعليهما نعلان، وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثني يعلى، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس، قال: رأيت رسول الله توضأ ومسح على نعليه وقدميه، ثم قام إلى الصلاة (٨). وقد رواه أبو داود عن مسدد وعباد بن موسى، كلاهما عن هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن أوس بن


(١) أخرجه الإمام بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١١٢)، وسنده صحيح.
(٢) صحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب إسلام عمرو بن عبسة (ح ٨٣٢).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة من طريق السبيعي به (المصنف ١/ ٣١)، وسنده ضعيف بسبب ضعف الحارث وهو الأعور الهمداني.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير هذه الآية.
(٥) السباطة هي الكناسة أو هي الموضع الذي يرمى فيه التراب والأوساخ (النهاية ٢/ ٣٣٥).
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وصححه الحافظ ابن كثير.
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٨) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٨/ ٤)، وأخرجه أبو داود من طريق هشيم عن يعلى به (السنن، الطهارة، باب المسح على الجوربين ح ١٦٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٤٥).