للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: القبر كيف تصنع؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "اصبر" قال: "يا أبا ذر، أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضًا، يعني حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء كيف تصنع؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: "اقعد في بيتك وأغلق عليك بابك" قال: فإن لم أترك، قال: "فأت من أنت منهم فكن منهم" قال: فآخذ سلاحي، قال: "فإذًا تشاركهم فيما هم فيه ولكن إذا خشيت أن يردعك شعاع السيف فألق طرف ردائك على وجهك كي يبوء بإثمه وإثمك" (١)، ورواه مسلم وأهل السنن سوى النسائي، من طرق عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت به (٢)، ورواه أبو داود وابن ماجه من طريق حماد بن زيد عن أبي عمران، عن المشعث بن طريف، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر بنحوه، قال أبو داود: ولم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد (٣).

وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن ربعي، قال: كنا في جنازة حذيفة فسمعت رجلًا يقول: سمعت هذا يقول في ناس، مما سمعت من رسول الله : "لئن اقتتلتم لأنظرن إلى أقصى بيت في داري فلألجنه، فلئن دخل على فلان لأقولن ها، بؤ بإثمي وإثمك فأكون كخير ابني آدم" (٤).

وقوله: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩)﴾ قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي في قوله: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾: أي بإثم قتلي وإثمك الذي عليك قبل ذلك، قاله (٥) ابن جرير.

وقال آخرون: يعني بذلك إني أريد أن تبوء بخطيئتي فتتحمل وزرها وإثمك في قتلك إياي، وهذا قول وجدته عن مجاهد (٦) وأخشى أن يكون غلطًا لأن الصحيح من الرواية عنه خلافه، يعني ما رواه سفيان الثوري عن منصور، عن مجاهد ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي﴾ قال: بقتلك إياي ﴿وَإِثْمِكَ﴾ قال: بما كان منك قبل ذلك (٧)، وكذا رواه عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بمثله (٨)، وروى شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ يقول: إني أريد أن يكون عليك خطيئتك ودمي فتبوء بهما جميعًا (٩).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١٤٩)، وأخرجه أبو داود من طريق أبي عمران الجوني به (المصدر السابق ح ٤٢٦١)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٥٨٣).
(٢) لم أجده في صحيح مسلم وإنما فيه من طريق حماد وبسنده واقتصر على ذكر الصلاة لوقتها. وورد في سنن أبي داود كما تقدم.
(٣) ما ورد فيه هو حديث مسلم المتقدم.
(٤) رجاله ثقات إلا قبيصة صدوق ربما وهم وسنده حسن، ويشهد له حديث أبي ذرٍّ السابق.
(٥) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسنده إلى السدي عن ابن عباس وتقدم أنه خلّط السدي فيه ويشهد له الآثار الأخرى كقول مجاهد الذي أخرجه الطبري بأسانيد ثابتة، وقول قتادة: أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه.
(٦) لم أجده بهذا اللفظ عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسنده عن الثوري به، وسنده صحيح.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عيسى به.
(٩) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق شبل به.