للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه، متعززًا على خصمه وعدوه، كما قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩] وفي صفة رسول اللّه أنه الضحوك القتال، فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه.

وقوله ﷿: ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ أي: لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله، وإقامة الحدود، وقتال أعدائه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا يردهم عن ذلك راد، ولا يصدهم عنه صاد، ولا يحيك فيهم لوم لائم، ولا عذل عاذل.

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا سلام أبو المنذر، عن محمد بن واسع، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرّ، قال: أمرني خليلي بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرًا، وأمرني أن لا أخاف في اللّه لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا باللّه، فإنهن من كنز تحت العرش (١).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، عن أبي المثنى أن أبا ذر قال: بايعني رسولُ اللّه خمسًا وواثقني سبعًا، وأشهد اللّه عليّ تسعًا، أني لا أخاف في اللّه لومة لائم. قال أبو ذر: فدعاني رسول اللّه فقال: "هل لك إلى بيعة ولك الجنة؟ " قلت: نعم، قال: "وبسطت يدي"، فقال النبي يشترط: "على أن لا تسأل الناس شيئًا؟ " قلت: نعم. قال: "ولا سوطك وإن سقط منك، يعني تنزل إليه فتأخذه" (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا جعفر، عن المعلى القُرْدوسي، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه : "ألا لا يمنعن أحدكم رهبةُ الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده، فإنه لا يقرب من أجل، ولا يُبَاعد من رزق أن يقول بحق أو يذكر بعظم" تفرد به أحمد (٣).

وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن زبيد (٤)، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه : "لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرًا لله فيه مقال، فلا يقول فيه، فيقال له يوم القيامة: ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١٥٩)، وسنده صحيح. وصححوه محققوه (المسند ٣٥/ ٣٢٧ ح ٢١٤١٥).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وأخرجه أيضًا من طريق أبي اليمان عن أبي ذر مختصرًا (المسند ٥/ ١٧٣) وفي سنده أبو اليمان وهو عامر بن عبد الله بن لحي الهوزني، مقبول كما في التقريب، وقال محققو المسند: وأبو المثنى في عداد المجهولين (المسند ٣٥/ ٤٠١ ح ٢١٥٠٩).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٥٠) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ١٦٨)، وقال محققوا المسند، صحيح دون قوله: "فإنه لا يقرب من أجل … الخ" (المسند ١٨/ ٥٤ ح ١١٤٧٤).
(٤) كذا في (حم) و (مح) والمسند، وفي الأصل: "زيد" وهو تصحيف.