للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقول: مخافة الناس. فيقول: إياي أحق أن تخاف (١) ".

ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش، عن عَمْرو بن مرة، به (٢).

وروى أحمد وابن ماجه، من حديث عبد الله بن عبد الرحمن أبي طُوَالة، عن نهار بن عبد الله العبدي المدني، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي قال: "إن الله ليسأل العبد يوم القيامة، حتى إنه ليسأله يقول له: أي عبدي، رأيت منكرًا فلم تنكره؟ فإذا لَقَّن الله عبدًا حجته، قال: أيْ رب، وثقت بك وخفت الناس" (٣).

وثبت في الصحيح: "ما ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه". قالوا: وكيف يُذلّ نفسه يا رسول اللّه؟ قال: "يتحمل من البلاء ما لا يطيق" (٤).

﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ أي: من اتصف بهذه الصفات، فإنما هو من فضل اللّه عليه، وتوفيقه له ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ أي: واسع الفضل، عليم بمن يستحق ذلك ممن يَحْرِمه إياه.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى اللّه ورسوله والمؤمنين. وقوله: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ أي: المؤمنون المتصفون بهذه الصفات من إقام الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، وهي عبادة اللّه وحده لا شريك له وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين والمساكين.

وأما قوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فقد توهم بعض الناس أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ أي: في حال ركوعهم، ولو كان هذا كذلك، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره، لأنه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى، وحتى إن بعضهم ذكر في هذا أثرًا عن علي بن أبي طالب أن هذه الآية نزلت فيه، وذلك أنه مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال: هم المؤمنون وعلي بن أبي طالب (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٧٣) وضعفه محققوا المسند بسبب الانقطاع بين أبي البختري وأبي سعيد (المسند ١٨/ ٢٣٠ ح ١١٦٩٩).
(٢) السنن، الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ح ٤٠٠٨) وصححه البوصيري في الزوائد، ولكن العلة قائمة بين أبي البختري وأبي سعيد الخدري.
(٣) المسند ٣/ ٢٧، وسنن ابن ماجه، الفتن، باب قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] ح (٤٠١٧) وصححه البوصيري (مصباح الزجاجة ٣/ ٢٤٤)، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٢٤٤).
(٤) أخرجه ابن ماجه من حديث حذيفة مرفوعًا (السنن، الفتن، الباب السابق ح ٤٠١٦) وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٢٤٣).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف أيوب بن سويد، فقد ضعفه الإمام أحمد وابن المبارك وابن معين وأبو داود والساجي والجوزجاني (تهذيب التهذيب ١/ ٤٠٥ وميزان الاعتدال ١/ ٢٧٨). وهكذا جميع الروايات التي تنص على أن الآية نزلت في علي لا تصح كما يلي.