للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾، فإذا قتل المحرم شيئًا من الصيد حكم عليه فيه، فإن قتل ظبيًا أو نحوه فعليه شاة تذبح بمكة، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فإن قتل أيلًا أو نحوه، فعليه بقرة، فإن لم يجد أطعم عشرين مسكينًا، فإن لم يجد صام عشرين يومًا، وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحوه، فعليه بدنة من الإبل، فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينًا، فإن لم يجد صام ثلاثين يومًا" رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (١)، وزاد: الطعام مدّ مدّ يشبعهم.

وقال جابر [الجعفي] (٢)، عن عامر الشعبي وعطاء ومجاهد ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ قالوا: إنما الطعام لمن لا يبلغ الهدي رواه ابن جرير وكذا روى ابن جريج عن مجاهد وأسباط عن السدي أنها على الترتيب.

وقال عطاء وعكرمة ومجاهد في رواية الضحاك وإبراهيم النخعي: هي على الخيار (٣)، وهي رواية الليث عن مجاهد، عن ابن عباس، واختار ذلك ابن جرير .

وقوله: ﴿لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾ أي: أوجبنا عليه الكفارة ليذوق عقوبة فعله الذي ارتكب فيه المخالفة ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ﴾ أي: في زمان الجاهلية لمن أحسن في الإسلام واتبع شرع الله، ولم يرتكب المعصية، ثم قال: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ أي: ومن فعل ذلك بعد تحريمه في الإسلام وبلوغ الحكم الشرعي إليه ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾.

قال ابن جريج: قلت لعطاء: " ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ﴾؟ قال: عما كان في الجاهلية. قال: قلت: وما ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾؛ قال: ومن عاد في الإسلام فينتقم الله منه، وعليه مع ذلك الكفارة. قال: قلت: فهل في العود من حد تعلمه؟ قال: لا، قال قلت: فترى حقًّا على الإمام أن يعاقبه؟ قال: لا، هو ذنب أذنبه فيما بينه وبين الله ﷿، ولكن يفتدي" (٤) رواه ابن جرير.

وقيل: معناه فينتقم الله منه بالكفارة، قاله سعيد بن [جبير] (٥) وعطاء (٦)، ثم الجمهور من السلف والخلف على أنه متى قتل المحرم الصيد رجب الجزاء، ولا فرق بين الأولى والثانية والثالثة، وإن تكرر ما تكرر سواء الخطأ في ذلك والعمد.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: من قتل شيئًا من الصيد خطأ وهو محرم، يحكم عليه فيه كلما قتله، فإن قتله عمدًا يحكم عليه فيه مرة واحدة، فإن عاد يقال له: ينتقم الله منك، كما قال الله ﷿ (٧).

وقال ابن جرير: حَدَّثَنَا عمرو بن علي، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي، جميعًا عن


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به مقطعًا.
(٢) كذا في (مح) وتفسير الطبري وفي الأصل صُحف إلى: "الجعدي".
(٣) أخرجه الطبري بأسانيد متعددة عن عطاء بن أبي رباح يقوي بعضها بعضًا.
(٤) أخرجه الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا مقطعًا عن عطاء بن أبي رباح.
(٥) كذا في (مح) والتخريج، وفي الأصل صُحف إلى: "حبيب".
(٦) أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح.
(٧) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.