للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هشام - هو ابن حسان -، عن عكرمة، عن ابن عباس، فيمن أصاب صيدًا يحكم عليه ثم عاد قال: لا يحكم عليه، ينتقم الله منه (١).

وهكذا قال شريح ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي (٢)، رواهن ابن جرير، ثم اختار القول الأول.

وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا العباس بن يزيد العبدي، حَدَّثَنَا المعتمر بن سليمان عن زيد بن أبي المعلى، عن الحسن البصري أن رجلًا أصاب صيدًا فتجوز عنه، ثم عاد فأصاب صيدًا آخر، فنزلت نار من السماء فأحرقته، فهو قوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ (٣).

وقال ابن جرير في قوله: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾: يقول عز ذكره: واللّه منيع في سلطانه، لا يقهره قاهر ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه، ولا من عقوبة من أراد عقوبته مانع، لأن الخلق خلقه، والأمر أمره، له العزة والمنعة. وقوله: ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ يعني: أنه ذو معاقبة لمن عصاه على معصيته إياه. وللّه الحمد والمِنّة.

﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٩٩)﴾.

قال ابن أبي طلحة: عن ابن عباس في رواية عنه، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير وغيرهم، في قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ يعني: ما يصطاد منه طريًا ﴿وَطَعَامُهُ﴾ ما يتزود منه مليحًا يابسًا (٤).

وقال ابن عَبَّاس في الرواية المشهورة عنه: صيده ما أخذ منه حيًا (٥) ﴿وَطَعَامُهُ﴾ ما لفظه ميتًا، وهكذا روي عن أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو وأبي أيوب الأنصاري ، وعكرمة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وإبراهيم النخعي والحسن البصري (٦).


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٢) أخرج الطبري هذه الآثار بأسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٤) أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة به (المصنف ٤/ ٥٠٥ رقم ٨٦٦١) وأخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن عيينة به، وسنده ضعيف؛ لأن عكرمة لم يسمع من أبي بكريته، ويشهد له سابقه.
(٥) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي وليس من طريق ابن أبي طلحة، وأخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عثمان بن سعد عن عكرمة عن ابن عباس، وعثمان ضعيف. ويتقوى بقول سعيد بن جبير وابن المسيب، أما قول ابن جبير فأخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عنه، وأما قول ابن المسيب فقد أخرجه الطبري وابن أبي حاتم لإسنادين يقوي أحدهما الآخَر.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أبي مجلز عن ابن عباس بنحوه.