للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام أحمد: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ضَمضم بن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر، عن ابن السعدي أن رسول الله قال: "لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل" فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص إن رسول الله قال: "إن الهجرة خصلتان: إحداهما: تهجر السيئات، والأخرى: تهاجر إلى الله ورسوله ولا تنقطع ما تقبلت التوبة، ولا تزال التوبة تقبل حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكُفي الناس العمل" (١). هذا الحديث حسن الإسناد ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، والله أعلم.

(حديث آخر): عن ابن مسعود .

قال عوف الأعرابي، عن محمد بن سيرين حدثني أبو عبيدة، عن ابن مسعود أنه كان يقول: ما ذكر من الآيات فقد مضى غير أربع: طلوع الشمس من مغربها، والدجّال، ودابة الأرض، وخروج يأجوج ومأجوج. قال: وكان يقول الآية التي تختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها ألم تر أن الله يقول: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ الآية كلها يعني طلوع الشمس من مغربها (٢).

حديث ابن عباس .

رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس مرفوعًا فذكر حديثًا طويلًا غريبًا منكرًا رفعه، وفيه أن الشمس والقمر يطلعان يومئذٍ من المغرب مقرونين وإذا انتصفا السماء رجعا ثم عادا إلى ما كانا عليه (٣). وهو حديث غريب جدًا بل منكر بل موضوع إن ادعي أنه مرفوع، فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه وهو الأشبه فغير مدفوع، والله أعلم.

وقال سفيان، عن منصور، عن عامر، عن عائشة قالت: إذا خرج أول الآيات طرحت وحبست الحفظة وشهدت الأجساد على الأعمال رواه ابن جرير رحمه الله تعالى (٤).

فقوله تعالى: ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: إذا أنشأ الكافر إيمانًا يومئذٍ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمنًا قبل ذلك فإن كان مصلحًا في عمله فهو بخير عظيم، وإن لم يكن مصلحًا فأحدث توبة حينئذٍ لم تقبل منه توبته كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة وعليه يحمل قوله تعالى: ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ أي: ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملًا به قبل ذلك.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٠٦ ح ١٦٧١) وحسنه محققوه.
(٢) أخرجه الطبري والحاكم من طريق عوف الأعرابي به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٥٤٥)، ولكن أبا عبيدة وهو ابن عبد الله بن مسعود لم يسمع من ابن مسعود إلا أنه يتقوى بما سبق وبالطرق التي ذكرها الطبري بعد هذه الرواية.
(٣) في سنده عبد المنعم بن إدريس قال الإمام أحمد: كان يكذب على وهب بن منبه … وقال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وغيره (لسان الميزان ٤/ ٧٤) وروايته هنا عن أبيه عن وهب. فالحديث موضوع كما قرر الحافظ ابن كثير.
(٤) أخرجه عبد الرزاق والطبري وابن أبي شيبة (المصنف ٨/ ٦٧٠) عن سفيان به، وإسناده منقطع لأن عامر الشعبي لم يسمع عائشة.