للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ تهديد شديد للكافرين ووعيد أكيد لمن سوف بإيمانه وتوبته إلى وقت لا ينفعه ذلك وإنما كان هذا الحكم عند طلوع الشمس من مغربها لاقتراب الساعة وظهور أشراطها كما قال: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (١٨)[محمد] وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (٨٥)[غافر].

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)﴾.

قال مجاهد وقتادة والضحاك والسدي: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى (١).

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا) وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل مبعث محمد فتفرقوا فلما بعث محمد أنزل الله عليه ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ الآية (٢).

وقال ابن جرير: حدثني سعيد بن عمر السكوني، حدثنا بقية بن الوليد، كتب إليّ عبّاد بن كثير، حدثنا ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله في هذه الآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾: "وليسوا منك هم أهل البدع وأهل الشبهات وأهل الضلالة من هذه الأمة" (٣). لكن هذا إسناد لا يصح فإن عبّاد بن كثير متروك الحديث ولم يختلق هذا الحديث ولكنه وهم في رفعه فإنه رواه سفيان الثوري عن ليث - وهو ابن أبي سُليم -، عن طاوس، عن أبي هريرة في الآية أنه قال: نزلت في هذه الأمة (٤).

وقال أبو غالب، عن أبي أمامة في قوله: ﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾ قال: هم الخوارج وروي عنه مرفوعًا ولا يصح (٥).

وقال شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن شُريح، عن عمر أن رسول الله قال


(١) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عبيد بن سليمان عنه ويشهد له ما سبق.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن العوفي به ويشهد له ما سبق، والقراءة بلفظ: "فارقوا" متواترة.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف جدًا لأن عباد بن كثير وهو الثقفي متروك قال أحمد: روى أحاديث كذب (التقريب ص ٢٩٠).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به، وفي سنده ليث بن أبي سليم فيه مقال ويتقوى برواية الطبراني في الأوسط فقد أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي (المجمع ٧/ ٢٢، ٢٣).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق حميد بن مهران عن أبي غالب به، وفي سنده أبو غالب صاحب أبي أمامة صدوق يخطي كما في "التقريب" ولم يتابع، فسنده ضعيف.