للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: من بين أيديهم وعن أيمانهم من حيث يبصرون، ومن خلفهم وعن شمائلهم حيث لا يبصرون (١). واختار ابن جرير: أن المراد جميع طرق الخير والشر، فالخير يصدهم عنه والشر يحسنه لهم.

وقال الحكم بن أبان، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ ولم يقل من فوقهم، لأن الرحمة تنزل من فوقهم (٢).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ قال: موحدين (٣).

وقول إبليس هذا إنما هو ظنّ منه وتوهّم، وقد وافق في هذا الواقع، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١)[سبأ] ولهذا ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلّها، كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا نصر بن علي، حدثنا عمرو بن مُجمِّع، عن يونس بن خباب، عن ابن جبير بن مطعم يعني: نافع بن جبير، عن ابن عباس، وحدثنا عمر بن الخطاب يعني: السجستاني، حدثنا عبيد الله بن جعفر، حدثنا عبد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يونس بن خباب، عن ابن جبير بن مطعم، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله يدعو: "اللّهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللّهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك اللّهم أن أُغتال من تحتي" (٤). تفرد به البزار وحسّنه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري، حدثني جرير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، سمعت عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: "اللّهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللّهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللّهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللّهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي، قال وكيع: من تحتي يعني الخسف (٥)، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث عبادة بن مسلم به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (٦).


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق حفص بن عمر العدني عن الحكم به، وحفص ضعيف كما في التقريب.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٤) أخرجه البزار بسنديه ومتنه وضعفه الحافظ ابن حجر لضعف يونس بن خباب (مختصر زوائد مسند البزار ٢/ ٤٣٤ ح ٢١٦٠).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه بدون ذكر وكيع في قوله: يعني الخسف (المسند ٨/ ٤٠٣ ح ٤٧٨٥) وصححه محققوه
(٦) سنن أبي داود، الأدب، باب ما يقول إذا أصبح (ح ٥٠٧٤)، وسنن ابن ماجه، الدعاء، باب ما يدعو به الرجل (ح ٣٨٧١) وسنن النسائي الاستعاذة، باب الاستعاذة من الخسف ٨/ ٢٨٢ والمستدرك ١/ ٥١٧.