للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال محمد بن سوقة، عن عون بن عبد الله: يعني طريق مكة (١).

قال ابن جرير: الصحيح أن الصراط المستقيم أعمّ من ذلك.

(قلت): لما روى الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عقيل - يعني: الثقفي عبد الله بن عقيل -، حدثنا موسى بن المسيب، أخبرني سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي الفاكه، قال: سمعت رسول الله يقول: "إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه فقعد له بطريق الإسلام، فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك؟ قال: فعصاه وأسلم" قال: "قعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطِّول؟ (٢) فعصاه وهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد وهو جهاد النفس والمال، فقال: تقاتل فتقتل فتُنكَح المرأة ويقسم المال؟ قال: فعصاه وجاهد".

وقال رسول الله فمن ذلك منهم فمات، كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، وإن قتل كان حقًا على الله أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقًا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابة كان حقًا على الله أن يدخله الجنة" (٣).

وقوله: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ الآية، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ أشككهم في آخرتهم ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ أرغبهم في دنياهم ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ أشبه عليهم أمر دينهم ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ أشهي لهم المعاصي (٤).

وقال ابن أبي طلحة في رواية العوفي كلاهما عن ابن عباس: أما من بين أيديهم فمن قبل دنياهم، وأما من خلفهم فأمر آخرتهم، وأما عن أيمانهم فمن قبل حسناتهم، وأما عن شمائلهم فمن قبل سيئاتهم (٥).

وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنّة ولا نار، ومن خلفهم من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها، وعن أيمانهم من قبل حسناتهم بطأهم عنها، وعن شمائلهم زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا بن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله (٦).

وكذا روي عن إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة والسدي وابن جريج، إلا أنهم قالوا: من بني أيديهم الدنيا، ومن خلفهم الآخرة (٧).


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عبد الله بن بكير عن محمد بن سوقه به، وعبد الله بن بكير ضعيف، ذكر له ابن عدي مناكير (ميزان الاعتدال ٢/ ٢٦).
(٢) الطِّول: هو الحبل الذي يُشدُّ طرفه في وتد، والآخر في يد الفرس. قاله السندي في حاشية المسند.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ٣١٥ - ٣١٦ ح ١٥٩٥٨) قال محققوه: إسناده قوي.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به ومن طريق العوفي به.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة به.
(٧) أخرج الطبري قول النخعي والسدي بإسنادين صحيحين وقول الحكم وابن جريج بإسنادين ضعيفين ويتقويان بما سبق.