للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن كثير: المدّ الزيادة (١). يعني: يزيدونهم في الغيّ يعني الجهل والسّفه ﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ قيل: معناه: إن الشياطين تمدّ الإنس لا تقصر في أعمالهم بذلك، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)﴾ الآية، قال: لا الإنس يقصّرون عما يعملون، ولا الشياطين تمسك عنهم (٢).

وقيل: معناه كما رواه العوفي عن ابن عباس قي قوله: ﴿يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ قال: هم الجن يوحون إلى أوليائهم من الإنس ثم لا يقصرون، يقول: لا يسأمون (٣)، وكذا قال السدي وغيره يعني: أن الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس ولا تسأم من إمدادهم في الشر (٤)، لأن ذلك طبيعة لهم وسجية ﴿لَا يُقْصِرُونَ﴾ لا تفتر فيه ولا تبطل عنه، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)[مريم] قال ابن عباس وغيره: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجًا (٥).

﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾ يقول: لولا تلقيتها. وقال مرة أخرى: لولا أحدثتها فأنشأتها (٦).

وقال ابن جرير، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد في قوله: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾ قال: لولا اقتضيتها، قالوا: تخرجها عن نفسك (٧)، وكذا قال قتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٨)، واختاره ابن جرير.

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾ يقول: تلقيتها من الله تعالى (٩).

وقال الضحاك: ﴿لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾ يقول: لولا أخذتها أنت فجئت بها من السماء (١٠).

ومعنى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ﴾ أي: معجزة وخارق، كقوله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤)[الشعراء] يقولون للرسول : ألا تجهد نفسك في طلب الآيات من الله حتى نراها ونؤمن بها، قال الله تعالى له: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ


(١) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير، وفي سنده الحسين، وهو ابن داود ضعيف. ومعناه اللغوي صحيح.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي بمعناه.
(٥) سيأتي تخريجه في سورة مريم آية ٨٣.
(٦) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٧) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين وهو ابن داود ضعيف ويشهد له سابقه.
(٨) قول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بالرواية الأولى عن ابن عباس.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.