للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القراءة مع رسول الله فيما جهر فيه بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول الله (١).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه أبو حاتم الرازي (٢).

وقال عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري: قال: لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به الإمام، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته، ولكنهم يقرأون فيما لا يجهر به سرًا في أنفسهم، ولا يصلح لأحد خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سرًا ولا علانية، فإن الله تعالى قال: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)(٣).

قلت: هذا مذهب طائفة من العلماء أن المأموم لا يجب عليه في الصلاة الجهرية قراءة فيما جهر فيه الإمام لا الفاتحة ولا غيرها، وهو أحد قوليّ الشافعية، وهو القديم كمذهب مالك ورواية عن أحمد بن حنبل، لما ذكرناه من الأدلة المتقدمة، وقال في الجديد: يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام، وهو قول طائفة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.

وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل: لا يجب على المأموم قراءة أصلًا في السرية ولا الجهرية بما ورد في الحديث: "من كان له إمام فقراءته قراءة له" وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن جابر مرفوعًا، وهو في موطأ مالك عن وهب بن كيسان عن جابر موقوفًا (٤)، وهذا أصح وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع، وقد أفرد لها الإمام أبو عبد الله البخاري مصنفًا على حدة (٥)، واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية أيضًا، والله أعلم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في الآية قوله: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ يعني: في الصلاة المفروضة (٦)، وكذا روي عن عبد الله بن المغفل (٧).

وقال ابن جرير: حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا الجريري، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: رأيت عُبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان، والقاصّ يقصّ، فقلت: ألا تستمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إليّ ثم أقبلا على حديثهما، قال: فأعدت فنظرا إليّ وأقبلا على حديثهما، قال: فأعدت الثالثة قال: فنظرا إليّ فقالا: إنما ذلك في الصلاة ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ (٨) وكذا قال سفيان الثوري، عن أبي هشام إسماعيل بن كثير، عن مجاهد في قوله: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٣/ ٢٢٢ - ٢٢٣ ح ٧٨١٩)، وصححه محققوه، وأخرجه أبو داود في سننه، الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام (ح ٨٢٦) والترمذي وحسنه في سننه، الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة (ح ٣١٢)، والنسائي في "سننه" الإفتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر ٢/ ١٤٠، وابن ماجه في سننه، إقامة الصلاة، باب إذا قرأ الإمام فانصتوا (ح ٨٤٨) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٦٩٠).
(٢) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (ح ١٨٤٣).
(٣) سنده صحيح إلى الزهري.
(٤) تقدم تخريجه في مطلع تفسير سورة الفاتحة.
(٥) وقد طبع عدة طبعات.
(٦) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أبي المقدام،- وهو ثابت بن هرمز الكوفي -، عن عبد الله بن المغفل.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.