للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥)﴾ الآيات (١).

وقال العوفي، عن ابن عباس: لما شاور النبي في لقاء العدو، وقال له سعد بن عبادة ما قال وذلك يوم بدر أمر الناس أن يتهيئوا للقتال وأمرهم بالشوكة، فكره ذلك أهل الإيمان فأنزل الله: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦)(٢).

[وقال مجاهد: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾ في القتال.

وقال محمد بن إسحاق: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾] (٣) أي: كراهية للقاء المشركين، وإنكارًا لمسير قريش حين ذكروا لهم (٤).

وقال السدي: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ﴾ أي: بعدما تبين لهم أنك لا تفعل إلا ما أمرك الله به (٥).

قال ابن جرير: وقال آخرون: عُنى بذلك المشركين، حدثنا يونس أنبأنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله تعالى: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦)﴾ قال: هؤلاء المشركون جادلوه في الحق كأنما يُساقون إلى الموت حين يدعون إلى الإسلام وهم ينظرون. قال: وليس هذا من صفة الآخرين، هذه صفة مبتدأة لأهل الكفر (٦).

ثم قال ابن جرير: ولا معنى لما قاله، لأن الذي قبل قوله: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾ خبر عن أهل الإيمان والذي يتلوه خبر عنهم. والصواب قول ابن عباس وابن إسحاق: أنه خبر عن المؤمنين (٧).

وهذا الذي نصره ابن جرير هو الحق وهو الذي يدل عليه سياق الكلام، والله أعلم.

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن بكير وعبد الرزاق قالا: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قيل لرسول الله حين فرغ من بدر: عليك بالعير ليس دونها شيء، فناداه العباس بن عبد المطلب - قال عبد الرزاق وهو أسير في وثاقه -: إنه لا يصلح لك، قال ولِمَ؟ قال: لأن الله ﷿ إنما وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك الله ما وعدك (٨). إسناد جيد ولم يخرجوه.


(١) سنده حسن بسابقه.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بسابقه ولاحقه.
(٣) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عم) و (حم) و (مح).
(٤) ورد في سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢٢، وأخرجه الطبري من طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق به.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.
(٧) ذكره الطبري بنحوه مع تقديم وتأخير.
(٨) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٤٦٦ ح ٢٠٢٢)، وأخرجه الترمذي من طريق إسرائيل به وحسنه، (السنن، تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنفال ح ٣٠٨٠)، وكذا الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٢٣٥)، وجوده الحافظ ابن كثير.