للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرقه، فأمر العباس أن يأخذ منه ويحتثي فكان العباس يقول: هذا خير مما أخذ منا وأرجو المغفرة (١).

وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله من البحرين ثمانين ألفًا ما أتاه مال أكثر منه لا قبل ولا بعد. قال: فنثرت على حصير ونودي بالصلاة. قال: وجاء رسول الله فمثل قائمًا على المال، وجاء أهل المسجد فما كان يومئذٍ عدد ولا وزن ما كان إلا فيضًا وجاء العباس بن عبد المطلب فحثا في خميصة عليه وذهب يقوم فلم يستطع، قال: فرفع رأسه إلى رسول الله فقال: يا رسول الله ارفع عليَّ. قال فتبسم رسول الله حتى خرج ضاحكه أو نابه، وقال له: "أعد من المال طائفة وقم بما تطيق" قال: ففعل وجعل العباس يقول: وهو منطلق أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا، وما ندري ما يصنع الله في الأخرى ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى﴾ الآية ثم قال: هذا خير مما أخذ منا وما أدري ما يصنع الله في الأخرى فمازال رسول الله ماثلًا على ذلك المال حتى ما بقي منه درهم وما بعث إلى أهله بدرهم ثم أتى الصلاة فصلَّى (٢).

حديث آخر في ذلك:

قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن عبد الله السعيدي، حدثنا محمد بن عصام، حدثنا حفص بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: أتي رسول الله بمال من البحرين فقال: "انثروه في مسجدي" قال: وكان أكثر مال أُتي به رسول الله ، فخرج إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه إذ جاءه العباس فقال يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي، وفاديت عقيلًا فقال له رسول الله : "خذ". فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: مرّ بعضهم يرفعه إليَّ. قال: "لا" قال: فارفعه أنت عليّ. قال: "لا". فنثر منه ثم احتمله على كاهله، ثم انطلق فمازال رسول الله يتبعه بصره حتى خفي عنه عجبًا من حرصه، فما قام رسول الله وثَمّ منها درهم (٣).

وقد رواه البخاري في مواضع من صحيحه تعليقًا بصيغة الجزم يقول: وقال إبراهيم بن طهمان ويسوقه، وفي بعض السياقات أتمَّ من هذا (٤).


(١) أخرجه الطبري بسند رجاله ثقات لكنه مرسل.
(٢) أخرجه الحاكم من طريق هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٣/ ٣٢٩)، وأصله في صحيح البخاري كما سيأتي بعد الرواية التالية.
(٣) أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى ٦/ ٣٥٦)، وأخرجه البخاري معلقًا من طريق إبراهيم بن طهمان به كما يلي.
(٤) أخرجه البخاري تعليقًا عن إبراهيم بن طهمان به (الصحيح، الصلاة، باب القسمة وتعليق القنو في المسجد ح ٤٢١)، ووصله عمر بن محمد البجيري عن إبراهيم بن طهمان به (تغليق التعليق ٢/ ٢٢٨)، والبجيري هذا له مستخرج على صحيح البخاري، وهذه الرواية منه، وهذا المستخرج مغمور لم يذكره أحد، وقد عرفت هذا المستخرج حينما اتحفني فضيلة د. محمد بكر عابد بنسخة خطية من كتب البجيري فوجدته كله مستخرجًا على البخاري، والحمد لله.