للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحكم بن عتيبة: مشاغيل وغير مشاغيل (١).

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ يقول: انفروا نشاطًا وغير نشاط (٢)، وكذا قال قتادة (٣).

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ قالوا: فإن فينا الثقيل، وذا الحاجة والضيعة والشغل والمتيسر به أمره فأنزل الله وأبى أن [يعذرهم دون أن ينفروا ﴿خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ أي:] (٤) على ما كان منهم (٥).

وقال الحسن بن أبي الحسن البصري -أيضًا-: في العسر واليسر (٦). وهذا كله من مقتضيات العموم في الآية وهذا اختيار ابن جرير.

وقال الإِمام أبو عمرو الأوزاعي: إذا كان النفير إلى دروب الروم نفر الناس إليها خفافًا وركبانًا، وإذا كان النفير إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافًا وثقالًا وركبانًا ومشاة (٧)، وهذا تفصيل في المسألة. وقد روي عن ابن عباس ومحمد بن كعب وعطاء الخراساني وغيرهم أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله (٨).

وقال السدي: قوله: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ يقول: غنيًا وفقيرًا وقويًا وضعيفًا فجاءه رجل يومئذٍ زعموا أنه المقداد وكان عظيمًا سمينًا فشكا إليه وسأله أن يأذن له فأبى فنزلت يومئذٍ ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ فلما نزلت هذه الآية اشتدَّ على الناس فنسخها الله فقال: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ (٩) [التوبة: ٩١].

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب، عن محمد قال: شهد أبو أيوب مع رسول الله بدرًا ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا عامًا واحدًا. قال: وكان أبو أيوب يقول: قال الله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ فلا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلًا (١٠).

وقال ابن جرير: حدثني سعيد بن عمرو السكوني، حدثنا بقية، حدثنا حُريز بن عثمان، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة، حدثني أبو راشد الحبراني قال: وافيت المقداد بن الأسود فارس


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق منصور عن الحكم بن عتيبة.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) كذا في (عم) و (حم) و (مح) وتفسير ابن أبي حاتم، وفي الأصل صُحفت إلى: "وأبى أن يعذبهم".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق منصور بن زاذان عن الحسن.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق الوليد عن أبي عمرو مختصرًا.
(٨) أي عند الآية ١٢٢ من هذه السورة.
(٩) سنده ضعيف جدًا لأن السدي شيعي ولم يدرك المقداد، ومثل هذا لا يقبل من شيعي، ثم إن المقداد مقدام وبطل لا يعرف الاستئذان في الميدان عرفناه من خلال مقولته المشهورة قُبيل غزوة بدر. بل ثبت عنه في تفسير هذه الآية قوله أمرنا أن ننفر على كل حال كما يلي في الروايتين التاليتين.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم وابن عساكر بسند ثابت عن أُبي وأبي أيوب أنهما قالا: أُمرنا أن ننفر على كل حال (تاريخ دمشق ج ٥/ ل ٢٢٣ م).