للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا مجالد، حدثنا عامر، حدثنا جابر "ح" وحدثنا يوسف بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: لما مات رأس المنافقين قال يحيى بن سعيد بالمدينة: فأوصى أن يصلي عليه النبي فجاء ابنه إلى النبي فقال: "إن أبي أوصى أن يكفن بقميصك -وهذا الكلام في حديث عبد الرحمن بن مغراء- قال يحيى في حديثه: فصلَّى عليه وألبسه قميصه فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ وزاد عبد الرحمن: وخلع النبي قميصه، فأعطاه إياه ومشى، فصلى عليه وقام على قبره، فأتاه جبريل لما ولَّى قال: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ (١) وإسناده لا بأس به وما قبله شاهد له.

وقال الإمام أبو جعفر الطبري: حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا أحمد، حدثنا حماد بن سلمة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، أن رسول الله أراد أن يصلي على عبد الله بن أُبي، فأخذ جبريل بثوبه وقال: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ (٢). ورواه الحافظ أبو يعلى في مسنده من حديث يزيد الرقاشي وهو ضعيف (٣).

وقال قتادة: أرسل عبد الله بن أُبي إلى رسول الله وهو مريض فلما دخل عليه قال له النبي : "أهلكك حبُّ يهود" قال: يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنِّبني، ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه إياه وصلَّى عليه وقام على قبره، فأنزل الله ﷿: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا﴾ الآية (٤).

وقد ذكر بعض السلف أنه إنما كساه قميصه، لأن عبد الله بن أُبي لما قدم العباس طلب له قميص فلم يوجد على تفصيله إلا ثوب عبد الله بن أُبي لأنه كان ضخمًا طويلًا، ففعل ذلك به رسول الله مكافأة له، فالله أعلم. ولهذا كان رسول الله بعد نزول هذه الآية الكريمة عليه لا يصلي على أحد من المنافقين ولا يقوم على قبره، كما قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن أبيه، حدثني عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: كان رسول الله إذا دُعي إلى جنازة سأل عنها، فإن أثني عليها خيرًا قام فصلى عليها، وإن كان غير ذلك قال لأهلها: "شأنكم بها" ولم يصلِّ عليها (٥).

وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليها حذيفة بن اليمان؛ لأنه كان يعلم أعيان المنافقين، قد أخبره بهم رسول الله ، ولهذا كان يقال له: صاحب السر الذي لا يعلمه غيره أي من الصحابة.

وقال أبو عبيد في كتاب "الغريب" في حديث عمر: إنه أراد أن يصلي على جنازة رجل فمرزه


(١) في سنده مجالد، وهو ابن سعيد، ليس بالقوي كما في التقريب وله شاهد سابق، ولهذا قال ابن كثير: إسناده لا بأس به.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف يزيد الرقاشى.
(٣) مسند أبي يعلى ٧/ ١٤٥ (ح ٤١٢٢) وسنده كسابقه.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لكنه مرسل، ولشقه الأخير شواهد صحيحة تقدمت.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٧/ ٢٤٩ ح ٢٢٥٥٥)، وصحح سنده محققوه. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٣/ ٣).