للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء ما يدل على أن السياحة الجهاد، وهو ما روى أبو داود في سننه من حديث أبي أُمامة أن رجلًا قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة، فقال النبي : "سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله" (١).

وقال ابن المبارك، عن ابن لهيعة: أخبرني عمارة بن غزية؛ أن السياحة ذكرت عند رسول ، فقال رسول الله : "أبدلنا الله بذلك الجهاد في سبيل الله والتكبير على كل شرف" (٢).

وعن عكرمة أنه قال: هم طلبة العلم (٣).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هم المهاجرون (٤)، رواهما ابن أبي حاتم.

وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهة الجبال والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله قال: "يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر يفرُّ بدينه من الفتن" (٥).

وقال العوفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ قال: القائمون بطاعة الله (٦)، وكذا قال الحسن البصري، وعنه رواية: ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ قال: لفرائض الله (٧)، وفي رواية: القائمون على أمر الله (٨).

﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية، فقال: "أي عمِّ، قل: لا إله إلا الله كلمة أحاجُّ لك بها عند الله ﷿"، فقال أبو جهل وعبد الله بن


(١) أخرجه أبو داود (السنن، الجهاد، باب النهي عن السياحة ح ٢٤٨٦)، وحسنه الألباني (في صحيح سنن أبي داود ح ٢١٧٢)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٧٣)، وصححه أبو محمد عبد الحق الإشبيلي (تفسير القرطبي ٨/ ٢٧٠).
(٢) أخرجه ابن المبارك بسنده ومتنه (الجهاد ص ٣٦)، وسنده حسن لكنه معضل ويشهد له سابقه.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق الوليد بن بكير عن عمر بن نافع عن عكرمة. والوليد وعمر كلاهما ضعيف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن.
(٥) صحيح البخاري، الإيمان، باب من الدين الفرار من الفتن (ح ١٩).
(٦) طريق ابن أبي طلحة أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت، وطريق العوفي أخرجه الطبري، وسنده ضعيف ويتقوى بطريق ابن أبي طلحة.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي ضعيف، ويشهد له سابقه.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف فيه إبهام الراوي عن الحسن البصري، ويشهد له ما تقدم عن ابن عباس.