للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروي أنه لما مرت به جنازة عمه أبي طالب قال: "وصلتك رحمة يا عمِّ" (١).

وقال عطاء بن أبي رباح: ما كنت لأدع الصلاة على أحد من أهل القبلة، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا، لأني لم أسمع الله حجب الصلاة إلا عن المشركين، يقول الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ الآية (٢).

وروى ابن جرير، عن ابن وكيع، عن أبيه، عن عصمة بن زامل، عن أبيه، قال: سمعت أبا هريرة يقول: رحم الله رجلًا استغفر لأبي هريرة ولأمه، قلت: ولأبيه؟ قال: لا. قال: إن أبي مات مشركًا (٣). وقوله: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ قال ابن عباس: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما تبيَّن له أنه عدو لله تبرأ منه، وفي رواية: لما مات تبيَّن له أنه عدو لله (٤). وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم (٥).

وقال عبيد بن عمير وسعيد بن جبير: إنه يتبرأ منه يوم القيامة حتى يلقى أباه، وعلى وجه أبيه القَترة والغَبرة، فيقول: يا إبراهيم إني كنت أعصيك وإني اليوم لا أعصيك، فيقول: أي ربِّ ألم تعدني أن لا تخزني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد، فيقال: انظر إلى ما وراءك فإذا هو بذيخ متلطخ، أي قد مسخ ضَبعًا، ثم يسحب بقوائمه ويلقى في النار (٦).

وقوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ قال سفيان الثوري وغير واحد: عن عاصم بن بهدلة، عن زرِّ بن حبيش عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: الأواه: الدعَّاء (٧)، وكذا روي من غير وجه عن ابن مسعود.

وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا الحجاج بن منهال، حدثني عبد الحميد بن بهرام، حدثنا شهر بن حوشب، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: بينما النبي جالس قال: رجل يا رسول الله ما الأوَّاه؟ قال: "المتضرع" قال: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ (٨). ورواه ابن أبي حاتم: من حديث ابن المبارك عن عبد الحميد بن بهرام به، ولفظه قال: الأوَّاه: المتضرع الدعَّاء (٩).


(١) أخرجه ابن عدي بسند ضعيف فيه إبراهيم بن عبد الرحمن وهو ضعيف (الكامل في الضعفاء ١/ ٢٦٠).
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق حبيب بن أبي مرزق عن عطاء.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف ابن وكيع وهو سفيان.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٥) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف لم يصرح باسم شيخ الطبري، ويتقوى بما سبق.
(٦) قول عُبيد بن عمير أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح من طريق الأعمش عن مجاهد عن عُبيد نحوه. لكنه مرسل، وقول سعيد بن جبير أخرجه الطبري بسند مرسل عند سعيد بن جبير بنحوه.
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري به.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق شهر به، وفي سنده شهر بن حوشب وهو صدوق كثير الإرسال والأوهام.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن المبارك به وحكمه كسابقه، وهو سند واحد.