للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: آخر آية نزلت من القرآن هذه الآية ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ … ﴾ إلى آخر السورة (١).

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا روح بن عبد المؤمن، حدثنا عمر بن شقيق، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر ، فكان رجال يكتبون ويُملي عليهم أُبي بن كعب فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ الآية [التوبة: ١٢٧] فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن، فقال لهم أُبي بن كعب: إن رسول الله أقرأني بعدها آيتين ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ … ﴾ إلى آخر السورة، قال: هذا آخر ما نزل من القرآن فختم بما فتح به بـ: الله الذي لا له إلا هو، وهو قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)(٢) [الأنبياء: ٢٥]. وهذا غريب أيضًا.

وقال أحمد: حدثنا علي بن بحر، حدثنا علي بن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: أتى الحارث بن خِزمة بهاتين الآيتين من آخر براءة ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ إلى عمر بن الخطاب فقال: من معك على هذا؟ قال: لا أدري والله إني لأشهد لسمعتها من رسول الله ووعيتها وحفظتها فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله ، ثم قال: "لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها، فوضعوها في آخر براءة" (٣).

وقد تقدم الكلام أن عمر بن الخطاب هو الذي أشار على أبي بكر الصديق بجمع القرآن فأمر زيد بن ثابت فجمعه، وكان عمر يحضرهم وهم يكتبون ذلك، وفي الصحيح أن زيدًا قال: فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت أو أبي خزيمة (٤)، وقد قدمنا أن جماعة من الصحابة تذكروا ذلك عند رسول الله كما قال خزيمة بن ثابت حين ابتدأهم بها، والله أعلم.

وقد روى أبو داود عن يزيد بن محمد، عن عبد الرزاق بن عمر -وقال: كان من ثقات المسلمين من المتعبدين- عن مدرك بن سعد قال: يزيد شيخ ثقة، عن يونس بن ميسرة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو ربُّ


(١) أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٥/ ٤٢ ح ٢١١٣) وسنده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان. وحسّنه محققوه بالمتابعات والشواهد.
(٢) أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٥/ ١٤٩ - ١٥٠ ح ٢١٢٢٧) وضعف سنده محققوه.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٤٠ ح ١٧١٥) وضعفه محققوه لتدليس محمد بن إسحاق وانقطاعه، وقال الأستاذ أحمد شاكر في تعليقه على المسند: عباد بن عبد الله بن الزبير ثقة، ولكنه لم يدرك قصة جمع القرآن بل ما أظنه أدرك الحارث بن خزمة، ولئن أدركه لما كان ذلك مصححًا للحديث، إذا لم يروه عنه، بل أرسل القصة إرسالًا … وقال أيضًا: منكر شاذ مخالف (المسند ٣/ ١٦٤)، وسبقهم ابن الأثير بقوله: وهذا عندي فيه نظر (أسد الغابة ١/ ٣٩٠).
(٤) في صحيح البخاري: "حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري"، وذكر القصة (الصحيح، فضائل القرآن، باب جمع القرآن ح ٤٩٨٦).