للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ أي: أستجير بجناب الله من الشيطان (الرجيم) (١) أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، ولهذا أمر (الله تعالى) (٢) بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن؛ لأنه لا يقبل رشوةً، ولا يؤثر فيه جميل؛ لأنه شرير بالطبع، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه.

وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن، لا أعلم لهن رابعةً.

(قوله تعالى في الأعراف) (٣): ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [١٩٩] فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر.

ثم قال: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)[الأعراف].

وقال تعالى في سورة: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)[المؤمنون] وقال تعالى في سورة حم السجدة: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)[فصلت].

والشيطان في لغة العرب مشتق من "شطن"، إذا بعد؛ فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير.

وقيل: مشتق من "شاط"؛ لأنه مخلوق من نار؛ ومنهم من يقول: كلاهما صحيح في المعنى، ولكن الأول أصح، وعليه يدل كلام العرب؛ قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان عليه (الصلاة والسلام) (٤).

أيما شاطن عصاه عكاه … ثم يلقى في السجن (والأغلال) (٥)

فقال: أيما شاطن ولم يقل: أيما شائط.

وقال النابغة الذبياني، وهو زياد بن عمرو بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع (بن غيظ) (٦) بن مرة بن سعد بن ذبيان:


(١) ساقط من (ج) و (ع) و (ك) و (ل) و (هـ) و (ى).
(٢) كذا في (ز) و (ع) و (ك) و (ى)، ووقع في (هـ): "الله سبحانه" وسقط لفظ "تعالى" من (ج) و (ل) وفي (ن) لم يذكر لفظ الجلالة.
(٣) كذا في (ع) و (ك) و (هـ) و (ى)، ووقع في (ج) و (ل): "قوله تعالى" وفي (ز): "قوله في الأعراف" وفي (ن): "قوله".
(٤) كذا في (ع) و (ك) و (ل) و (ى)، ووقع في (ج): "السلام والصلاة". وسقط لفظ "الصلاة" من (ز) و (ن) و (هـ).
(٥) أشار في (ج) و (ع) و (ى) إلى أنه في نسخة: "والأكبال" بدل "الأغلال".
(٦) بياض في (ج) و (ع) و (ن) و (ى) واستدركته من "طبقات فحول الشعراء" (١/ ٥١)؛ لابن سلام الجمحي، ووقع في (ز) و (ك) و (ل): "يروبع بن مرة".