للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جرير: [حُدثت] (١) عن المسيب بن شريك، عن أبي بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن مسعود في قوله: ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول: هلك من غلب آحاده على أعشاره (٢).

وقوله: ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى وكذب رسله فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة

﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ أي: معادكم يوم القيامة ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: هو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه وانتقامه من أعدائه، وإعادة الخلائق يوم القيامة، وهذا مقام الترهيب كما أن الأول مقام ترغيب.

﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٥)﴾.

قال ابن عباس: كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم وحال وقاعهم، فأنزل الله هذه الآية، رواه البخاري من طريق ابن جريج، عن محمد بن عباد بن جعفر، أن ابن عباس قرأ: "ألا إنهم تثنوني صدورهم" فقلت: يا أبا العباس ما تثنوني صدورهم؟ قال: الرجل كان يجامع امرأته فيستحي أو يتخلى، فيستحي فنزلت: (ألا إنهم تثنوني صدورهم) (٣).

وفي لفظ آخر له قال ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم (٤).

ثم قال: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو، قال قرأ ابن عباس: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ (٥).

قال البخاري: وقال غيره عن ابن عباس: ﴿يَسْتَغْشُونَ﴾ يغطون رؤوسهم (٦).

وقال ابن عباس في رواية أخرى في تفسير هذه الآية: يعني به: الشك في الله وعمل السيئات (٧). وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهم؛ أي: أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئًا أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأخبرهم الله تعالى أنهم حين يستغشون


(١) كذا في (حم) و (مح) وتفسير الطبري، وسقطت من الأصل.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف جدًا، لأن المسيب بن شريك متروك (الجرح والتعديل ٨/ ٢٩٤)، وفيه أيضًا إبهام شيخ الطبري.
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه بالقراءة الشاذة التفسيرية (صحيح البخاري، التفسير، باب ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ. . .﴾ [هود: ٥] ح ٤٦٨١) قال الحافظ ابن حجر: عن قراءة "تثنوني" على وزن تفعوعل (الفتح ٨/ ٣٥٠).
(٤) المصدر السابق (ح ٤٦٨٢).
(٥) المصدر السابق (ح ٤٦٨٣).
(٦) المصدر السابق.
(٧) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق معمر قال: أُخبرت عن عكرمة عن ابن عباس، ورجاله ثقات لكن سنده منقطع بين معمر وعكرمة، ويشهد له ما أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بنحوه.