للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر ابن أبي حاتم أقوال المفسرين ههنا (١) كما ذكره عند تلك الآية، فالله أعلم. وأن جميع ذلك مكتوب في كتاب عند الله مبين عن جميع ذلك كما قال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)[الأنعام] وقال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)[الأنعام].

﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨)﴾.

يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء، وأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك، كما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن مُحرِز، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله : "اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا: قد بشرتنا، فأعطنا، قال: "اقبلوا البشرى يا أهل اليمن" قالوا: قد قبلنا. فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: "كان الله قبل كل شيء، وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء" قال: فأتاني آتٍ فقال: يا عمران انحلّت ناقتك من عقالها، قال: فخرجت في إثرها فلا أدري ما كان بعدي (٢). وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة، فمنها قالوا: جئناك نسألك عن أول هذا الأمر، فقال: "كان الله ولم يكن شيء قبله (٣) - وفي رواية: "غيره" (٤)، وفي رواية: معه (٥) - وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض".

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله : "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء" (٦).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم عمن تقدم ذكرهم وعن ابن مسعود وقيس بن أبي حازم وأبي عبد الرحمن السلمي، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وقتادة والسدي وعطاء الخراساني بنحو ما تقدم وبحذف السند. ومعظم هذه الآثار أخرجها عبد الرزاق والطبري في تفسيريهما مسندة وبعضها أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (٩٠١٧)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٤١.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٣/ ١٠٨ ح ١٩٨٧٦) وصحح سنده محققوه.
(٣) أخرجه البخاري من حديث عمران بن الحصين (الصحيح، التوحيد، باب ﴿عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: ٧] وهو رب العرش العظيم ح ٧٤١٨).
(٤) صحيح البخاري، بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. . .﴾ [الروم: ٢٧] (ح ٣١٩١)
(٥) هذه الرواية مقحمة غير صحيحة نبه عليها الحافظ ابن حجر فقال: وقع في بعض الكتب في هذا الحديث: "كان الله ولا شيء معه، وهو الآن ما عليه كان" وهي زيادة ليست في شيء من كتب الحديث، نبه على ذلك العلامة تقي الدين بن تيمية (فتح الباري ٦/ ٢٨٩).
(٦) صحيح مسلم، القدر، باب حِجاج آدم وموسى (ح ٢٦٥٣).