للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد وغيره: نزلت في أهل الرياء (١).

وقال قتادة: من كانت الدنيا همه [وسدمه] (٢) (٣) وطلبته ونيته جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة، وليس له حسنة يعطىَ بها جزاء، وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة (٤).

وقد ورد في الحديث المرفوع نحو من هذا (٥).

وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (٢١)[الإسراء] وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)[الشورى].

﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)﴾.

يخبر تعالى عن حال المؤمنين الذين هم على فطرة الله تعالى التي فطر عليها عباده من الاعتراف له بأنه لا إله إلا هو كما قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: ٣٠] وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ " الحديث (٦).

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار، عن رسول الله قال: "يقول الله تعالى: "إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم، وأَمَرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا" (٧).

وفي المسند والسنن: "كل مولد يولد على هذه الملَّة حتى يعرب عنه لسانه. . ." الحديث (٨)، فالمؤمن باقٍ على هذه الفطرة.


= بأسانيد يقوي بعضها بعضًا عنه.
(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف كما تقدم قبل تعليقين.
(٢) كذا في تفسير الطبري وابن أبي حاتم، وفي الأصل: "سدته"، وفي (حم): "شدته".
(٣) السدم: هو الولوع بالشي.
(٤) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) أخرج ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت : "من كانت الدنيا همَّه، فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له. . ." (السنن، الزهد، باب اللهم بالدنيا ح ٤١٠٥)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٣١٣).
(٦) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٧٩.
(٧) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٧٩.
(٨) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٢٤/ ٣٥٧ ح ١٥٥٨٩)، وأخرجه ابن حبان (الإحسان ح ١٣٢)، =