للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحد من هذه الأُمة يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار" فجعلت أقول: أين مصداقه في كتاب الله؟ قال: وقلما سمعت عن رسول الله إلا وجدت له تصديقًا في القرآن حتى وجدت هذه الآية ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ قال: من الملل كلِّها (١).

وقوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: القرآن حق من الله لا مرية ولا شك فيه، كما قال تعالى: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)[السجدة] وقال تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة].

وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)[يوسف] وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه﴾ [الأنعام: ١١٦] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)[سبأ].

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (١٩) أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)﴾.

يبين تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدار الآخرة على رؤوس الخلائق من الملائكة والرسل والأنبياء وسائر البشر والجان، كما قال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان، أخبرنا همام، حدثنا قتادة، عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذًا بيد ابن عمر إذ عرض له رجل قال: كيف سمعت رسول الله يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعته يقول: "إن الله ﷿ يُدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم" ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول: ﴿الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (٢). أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث قتادة به (٣).

وقوله: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ أي: يردُّون الناس عن اتباع الحق وسلوك طريق الهدى الموصلة إلى الله ﷿[ويجنبونهم] (٤) الجنة ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ أي: ويريدون أن يكون طريقهم


(١) أخرجه الحاكم موصولًا من طريق أبي عمرو البصري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣١٨ ح ٥٤٣٦) وصحح سنده محققوه.
(٣) صحيح البخاري، المظالم، باب قول الله تعالى: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨] (ح ٢٤٤١)، وصحيح مسلم، التوبة، باب قبول توبة القاتل … (ح ٢٧٦٨).
(٤) في الأصل غير منقوطة، وفي (حم): "بحجة".