للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٩)﴾.

يخبر تعالى أنه أوحى إلى نوح لما استعجل قومه نقمة الله بهم وعذابه لهم فدعا عليهم نوح دعوته التي قال الله تعالى مخبرًا عنه أنه قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠)[القمر] فعند ذلك أوحى الله إليه ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ فلا تحزن عليهم ولا يهمنك أمرهم

﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ يعني السفينة ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ أي: بمرأى منا ﴿وَوَحْيِنَا﴾ أي: تعليمنا لك ما تصنعه ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ فقال لبعض السلف: أمره الله تعالى أن يغرز الخشب ويقطعه وييبسه، فكان ذلك في مائة سنة، ونجرها في مائة سنة أخرى (١).

وقيل: في أربعين سنة (٢). والله أعلم.

وذكر محمد بن إسحاق عن التوراة: أن الله أمره أن يصنعها من خشب الساج، وأن يجعل طولها ثمانين ذراعًا وعرضها خمسين ذراعًا، وأن يطلي باطنها وظاهرها بالقار، وأن يجعل لها جؤجؤًا أزورًا (٣) يشق الماء (٤).

وقال قتادة: كان طولها ثلاثمائة ذراع في عرض خمسين (٥).

وعن الحسن: طولها ستمائة ذارع وعرضها ثلثمائة (٦).

وعنه مع ابن عباس: طولها ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة (٧).

وقيل: طولها ألفا ذراع وعرضها مائة ذراع (٨)، فالله أعلم.

قالوا كلهم: وكان ارتفاعها في السماء ثلاثين ذراعًا ثلاث طبقات كل طبقة عشرة أذرع، فالسفلى للدواب والوحوش، والوسطى للإنس، والعليا للطيور، وكان بابها في عرضها ولها غطاء من فوقها مطبق عليها.

وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير أثرًا غريبًا من حديث علي بن زيد بن جدعان، عن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق مالك عن زيد بن أسلم، والرواية من أخبار أهل الكتاب.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار، وهو معروف برواية الإسرائيليات.
(٣) أي عظام الصدر المقوسة.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن إسحاق عن رجل مجهول.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لكنه قال: ذُكر لنا.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق جرير بن حازم عن الحسن.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق نوح بن قيس عن محمد بن سيف عن الحسن البصري.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عوف الأعرابي عن الحسن، وكل هذه الروايات هي من أخبار أهل الكتاب كما صرح الحافظ ابن كثير عن ابن إسحاق أنها من التوراة.