للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفور حتى فار الماء من التنانير التي هي مكان النار صارت تفور ماء. وهذا قول جمهور السلف وعلماء الخلف.

وعن علي بن أبي طالب : التنور: فلق الصبح وتنوير الفجر (١)، وهو ضياؤه وإشراقه والأول أظهر.

وقال مجاهد والشعبي: كان هذا التنور بالكوفة (٢).

وعن ابن عباس: عين بالهند (٣).

وعن قتادة: عين بالجزيرة يقال لها: عين الوردة (٤). وهذه أقوال غريبة.

فحينئذٍ أمر الله نوحًا أن يحمل معه في السفينة من كل زوجين اثنين من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، قيل: وغيرها من النباتات اثنين ذكرًا وأنثى.

فقيل: كان أول من أدخل من الطيور الدرة، وآخر من أدخل من الحيوانات الحمار، فتعلق إبليس بذنبه وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس وهو متعلق بذنبه، فجعل يقول له نوح : ما لك ويحك ادخل. فينهض ولا يقدر فقال: ادخل وإن كان إبليس معك فدخلا في السفينة، وذكر بعض السلف أنهم لم يستطيعوا أن يحملوا معهم الأسد حتى ألقيت عليه الحُمَّى (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني الليث، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن رسول الله قال: "لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه: وكيف تطمئن المواشي ومعها الأسد؟ فسلط الله عليه الحُمَّى، فكانت أول حُمَّى نزلت في الأرض، ثم شَكَوا الفأر فقالوا: الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا، فأوحى الله إلى الأسد فعطس، فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها" (٦).

وقوله: ﴿وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ أي: واحمل فيها أهلك، وهم: أهل بيته وقرابته إلا من سبق عليه القول منهم ممن لم يؤمن بالله، فكان منهم ابنه: (يام) الذي انعزل وحده وامرأة نوح، وكانت كافرة بالله ورسوله.

وقوله: ﴿وَمَنْ آمَنَ﴾ أي: من قومك ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ أي: نزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عامًا. فعن ابن عباس: كانوا ثمانين نفسًا


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد مولى أبي جُحيفة عن أبي جُحيفة عن علي ، وعبد الرحمن بن إسحاق: وهو ضعيف كما في التقريب، وزياد: مجهول (ميزان الاعتدال ٢/ ٨٩).
(٢) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ليث بن أبي سليم عنه، وقول الشعبي أخرجه الطبري بسند ضعيف جدًا من طريق السري بن إسماعيل عن الشعبي، والسري هذا متروك (التقريب ص ٢٣٠).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف جدًا من طريق النضر أبي عمر، وهو الحراز، عن عكرمة عن ابن عباس، والنضر: متروك (ميزان الاعتدال ٤/ ٢٦٠).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، وسعيد ضعيف كما في التقريب.
(٥) هذه الأخبار من الإسرائيليات.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإرساله، وهو من الإسرائيليات أيضًا.