للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منهم نساؤهم (١).

وعن كعب الأحبار: كانوا اثنين وسبعين نفسًا (٢). وقيل: كانوا عشرة (٣)، وقيل: إنما كان نوح وبنوه الثلاثة: (سام وحام ويافث) وكنائنه الأربع (٤) نساء هؤلاء الثلاثة وامرأة (يام)، وقيل: بل امرأة نوح كانت معهم في السفينة، وهذا فيه نظر، بل الظاهر أنها هلكت لأنها كانت على دين قومها فأصابها ما أصابهم كما أصاب امرأة لوط ما أصاب قومها، والله أعلم وأحكم.

﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (٤٢) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)﴾.

يقول تعالى إخبارًا عن نوح أنه قال للذين أمر بحملهم معه في السفينة: ﴿ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ أي: بسم الله يكون جريها على وجه الماء، وبسم الله يكون منتهى سيرها وهو رسوّها، وقرأ أبو رجاء العطاردي (بسم الله مُجريها ومُرسيها) (٥).

وقال الله تعالى: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩)[المؤمنون] ولهذا تستحب التسمية في ابتداء الأمور عند الركوب على السفينة وعلى الدابَّة كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)[الزخرف]، وجاءت السُّنة بالحث على ذلك والندب إليه، كما سيأتي في سورة الزخرف - إن شاء الله وبه الثقة.

وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، وحدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا محمد بن موسى الحرشي قالا: حدثنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي، عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي قال: "أمان أمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا: بسم الله الملك" ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)[الزمر] ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٦).

وقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ مناسب عند ذكر الانتقام من الكافرين بإغراقهم أجمعين فذكر أنه


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار، وهو معروف برواية الإسرائيليات.
(٣) أخرجه الطبري بسنده عن ابن إسحاق، وهو كسابقه.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن عن الحكم، وهو ابن عتيبة.
(٥) قراءة: "ومُرسيها"، شاذة.
(٦) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٢/ ١٢٤ (ح ١٢٦٦١) وسنده ضعيف جدًا قال الهيثمي: فيه نهشل بن سعيد وهو متروك (مجمع الزوائد ١٠/ ١٣٢). وفيه أيضًا الضحاك لم يلق ابن عباس.