للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ﴾ أي: هذه السورة، قاله ابن عباس ومجاهد وجماعة من السلف (١).

وعن الحسن في رواية عنه وقتادة: في هذه الدنيا (٢).

والصحيح: في هذه السورة المشتملة على قصص الأنبياء، وكيف أنجاهم الله والمؤمنين بهم وأهلك الكافرين؛ جاءك فيها قصص حق، ونبأ صدق، وموعظة يرتدع بها الكافرون، وذكرى يتذكر بها المؤمنون.

﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢)﴾.

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول للذين لا يؤمنون بما جاء به من ربه على وجه التهديد: ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ أي: على طريقتكم ومنهجكم ﴿إِنَّا عَامِلُونَ﴾ أي: على طريقتنا ومنهجنا

﴿وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢)﴾ أي: ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [الأنعام: ١٣٥]، وقد أنجز الله لرسوله وعده ونصره وأيده، وجعل كلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، والله عزيز حكيم.

﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣)﴾.

يخبر تعالى أنه عالم غيب السماوات والأرض وأنه إليه المرجع والمآب، سيوفِّي كل عامل عمله يوم الحساب، فله الخلق والأمر، فأمر تعالى بعبادته والتوكل عليه. فإنه كافٍ من توكل عليه وأناب إليه.

وقوله: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أي: ليس يخفى عليه ما عليه مكذبوك يا محمد، بل هو عليم بأحوالهم وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء في الدنيا والآخرة، وسينصرك وحزبك عليهم في الدارين.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا زيد بن الحباب، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب قال: خاتمة التوراة خاتمة هود (٣).

آخر تفسير سورة هود ، ولله الحمد.


(١) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(٢) قول الحسن أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق قتادة عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق قتادة عنه.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده ابن وكيع وهو: سفيان فيه مقال، وقد توبع إذ أخرجه ابن الضريس من طريق مسلم بن إبراهيم عن همام عن أبي عمران به (السنن، فضائل القرآن، باب فضائل الأنعام والسور ح ٣٤٠٢).