للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد الرحمن بن إسحاق به (١)، وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي، وقد ضعفوه وشيخه. قال البخاري: لا يصح حديثه.

قلت: وقد روي له شاهد من وجه آخر، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: أخبرني الحسن بن سفيان، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، حدثني عمرو بن الحارث، حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري عن الزبيدي، حدثنا سليم بن عامر، أن جبير بن نفير حدثهم أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر ، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص، وكانا قد اكتتبا من اليهود ملء صفنة (٢) فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين يقولون: إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة، وإن نهانا عنها رفضناها، فلما قدما عليه قالا: إنا بأرض أهل الكتاب، وإنا نسمع منهم كلامًا تقشعر منه جلودنا، أفنأخذ منه أو نترك؟ فقال: لعلكما كتبتما منه شيئًا؟ فقالا: لا، قال سأحدثكما: انطلقت في حياة النبي حتى أتيت خيبر، فوجدت يهوديًا يقول قولًا أعجبني، فقلت: هل أنت مكتبي مما تقول؟ قال: نعم فأتيت بأديم، فأخذ يُملي عليَّ حتى كتبت في الأكرع (٣)، فلما رجعت قلت: يا نبي الله .. وأخبرته. قال: "ائتني به" فانطلقت أرغب عن الشيء رجاء أن أكون جئت رسول الله ببعض ما يحب، فلما أتيت به قال: "اجلس اقرأ علي" فقرأت ساعة، ثم نظرت إلى وجه رسول الله ، فإذا هو يتلون، فتحيّرت من الفرق (٤)، فما استطعت أن أجيز منه حرفًا، فلما رأى الذي بي رفعه ثم جعل يتبعه رسمًا رسمًا فيمحوه بريقه، وهو يقول: "لا تتبعوا هؤلاء فإنهم قد هوكوا وتهوكوا" حتى محا آخره حرفًا حرفًا. قال عمر : فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئًا جعلتكما نكالًا لهذه الأُمة، قالا: والله ما نكتب منه شيئًا أبدًا، فخرجا بصُفنيهما (٥)، فحفرا لها، فلم يألوا أن يعمقا ودفناها، فكان آخر العهد منها (٦).

وهكذا روى الثوري عن جابر بن يزيد الجعفي عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت الأنصاري عن عمر بن الخطاب بنحوه (٧)، وروى أبو داود في المراسيل من حديث أبي قلابة عن عمر نحوه (٨)، والله أعلم.

﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤)﴾.

يقول تعالى: اذكر لقومك يا محمد في قصصك عليهم من قصة يوسف إذ قال لأبيه، وأبوه هو


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق به.
(٢) الصفنة: الوعاء.
(٣) الأكرع: جمع كُراع، وهو عظم الساق العاري اللحم.
(٤) الفرق: أي الخوف.
(٥) أي: وعاءهما الذي يحمل فيه الكتاب.
(٦) أخرجه أبو نعيم من طريق إسحاق بن إبراهيم به (الحلية ٥/ ١٣٥) وسنده ضعيف لأن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: صدوق يهم كثيرًا، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب (التقريب ص ٩٩).
(٧) سبق تخريجه وتضعيفه قبل روايتين.
(٨) أخرجه أبو داود من طريق أيوب السختياني عن أبي قلابة به (المراسيل ح ٤٥٥) وسنده ضعيف للانقطاع بين أبي قلابة وعمر .