(٧)﴾ [الضحى] يفسرها قوله: ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ [الشورى: ٥٢]، وكذلك تفسير ﴿الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: ٢] فهو الذي ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)﴾ [الإخلاص]، وكلا المسألتين فيهما خلاف طويل قل من يصل إلى القول الراجح فيهما.
٥ - يفتح آفاقًا لمن ينشد التفسير ويكون مستنده فيها قويًا، وذلك في التفسير الموضوعي والتحليلي والفقهي.
من أجل ذلك فإن الحافظ ابن كثير حرص على هذا المنهج العلمي.
ثانيًا: التفسير النبوي:
اعتنى الحافظ بالبيان النبوي حسب منهج شيخه ابن تيمية وإمامه الشافعي، ولو أحصينا الأحاديث التي سردها الحافظ ابن كثير في تفسيره لبلغت ألوف الأحاديث، ولا غرابة من ذلك فقد تميز التفسير النبوي في أهميته الكبرى في التفسير، ومن معالم أهميته ما يلي:
١ - أنه وحي يوحى، فكما أن القرآن وحي فكذلك البيان النبوي وحي.
٢ - أن النبي ﷺ مكلف من عند الله أن يبين لصحابته ما يحتاجونه من البيان، وكان يبين لهم على قدر الحاجة؛ لأنهم لا يحتاجون تفسير كل آية فهم من أعرق القبائل العربية.
٣ - دقة فهم النبي ﷺ لتفسير القرآن، فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه كان يدارس جبريل في كل رمضان، من حيث التنزيل واللفظ والتلاوة والبيان والناسخ والمنسوخ، فيكون قد دارس جبريل القرآن أربعًا وعشرين مرة.
٤ - الغزارة التي وردت من هذا النوع كثيرة ولم تحص، وما ورد عن عائشة ﵂ قالت: (ما كان النبي ﷺ يفسر شيئًا من القرآن إلا آيًا بعدد علمهن إياه جبريل ﵇) فضعيف ولا يصح ومنكر، وردَّ الطبري على من قال هذا القول، ووصفه بالغباء، وضعفه أيضًا الحافظ ابن كثير في المقدمة، واعلم أن هذه الروايات التفسيرية المرفوعة وما في حكم الرفع تبلغ المئات.
٥ - أن الحديث الشريف الواحد قد يُبيِّن عشرات الآيات، كما في تفسير قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾ [الفاتحة] هو الإسلام كما بينه رسول الله ﷺ، وورد ذكر الصراط المستقيم في القرآن عشرات الآيات، فيكون قد بيَّن تفسير جميع تلك الآيات.
٦ - أن بعض الآيات لا يمكن أن تُفهم بدون البيان النبوي، مثاله في تفسير قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (١٠٨)﴾ [المائدة].
يقول الشوكاني ﵀ عن هذه الآيات: قال مكي: (هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابًا ومعنًى وحكمًا. قال ابن عطية: هذا كلام من لم يقع له النتاج في