للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد اختار (فخر الدين) (١) (الرازي) (٢) أنه اسم غير مشتق (البتة) (٣)؛ قال: وهو قول الخليل، وسيبويه، وأكثر الأصوليين والفقهاء؛ ثم أخذ يستدل على ذلك بوجوه، منها أنه لو كان مشتقًّا لاشترك في معناه كثيرون. ومنها أن بقية الأسماء تذكر صفات له، فتقول: الله الرحمن الرحيم الملك القدوس؛ فدل أنه ليس بمشتق؛ قال: فأما قوله تعالى: ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ﴾ [إبراهيم: ١، ٢] على قراءة الجر، فجعل ذلك من باب عطف البيان. ومنها: قوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥].

وفي الاستدلال بهذه على كون هذا الاسم جامدًا غير مشتق نظر. والله أعلم.

[وحُكي (فخر الدين) (١) (الرازي) (٢) عن بعضهم (أنه ذهب إلى) (٤) أن اسم الله تعالى عبراني لا عربي، ثم ضعفه، وهو حقيق بالتضعيف، كما قال. وقد] (٥) حكى (فخر الدين) (١) (الرازي) (٢) هذا القول، ثم قال: واعلم أن (الخلق) (٦) قسمان: واصلون إلى ساحل بحر المعرفة، ومحرومون قد بقوا في ظلمات الحيرة، وتيه الجهالة] (٧).

[فكأنهم قد فقدوا عقولهم وأرواحهم. وأما الواجدون فقد وصلوا إلى عرصة النور، وفسحة الكبرياء والجلال، فتاهوا في ميادين الصمدية، وبادوا في عرصة الفردانية؛ فثبت أن الخلائق كلهم والهون في معرفته.

وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه -بنصب اللام (وجرها) (٨) - لغتان.

وقيل: إنه مشتق من الارتفاع؛ فكانت العرب تقول لكل شيءٍ مرتفع: لاهًا، وكانوا يقولون إذا طلعت الشمس: لاهت.

وقيل: إنه مشتق من أله الرجل، إذا تعبد، وتأله إذا تنسك. وقرأ ابن عباس ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ [الأعراف: ١٢٧]] (٩).

وأصل ذلك الإله، فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة، فالتقت اللام التي هي عينها مع اللام الزائدة في أولها للتعريف، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا في اللفظ لامًا واحدةً مشددةً وفخمت تعظيمًا، فقيل: "الله".

﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة. ورحمن أشد مبالغة من رحيم. وفي كلام ابن جرير ما يفهم (منه) (١٠) حكاية الاتفاق على هذا. وفي تفسير بعض السلف ما يدل على ذلك، كما تقدم في الأثر (١١) عن عيسى أنه قال: والرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة.


(١) من (ج) و (ك) و (ل).
(٢) من (ن).
(٣) البتة: بهمزة وصل، وانظر ضبطها في "فتح الباري" (٩/ ٣٩٢) للحافظ.
(٤) ساقط من (ن).
(٥) ساقط من (ك).
(٦) في (ن): "الخلائق".
(٧) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ى).
(٨) كذا في (ج) و (ل) وفي (ك) و (ن): "كسرها".
(٩) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ى).
(١٠) من (ن).
(١١) لكنه لا يصح كما تقدم شرحه، والله أعلم.