للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)[الحجر] إلى أمثال ذلك من الآيات التي تجمع الرجاء والخوف.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ الآية، قال رسول الله : "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدًا العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتَّكل كل أحد" (١).

وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن عثمان أبي حسان الزيادي: أنه رأى رب العزة في النوم، ورسول الله واقف بين يديه يشفع في رجل من أمته، فقال له: ألم يكفيك أني أنزلت عليك في سورة الرعد ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾. قال: ثم انتبهت (٢).

﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)﴾.

يقول تعالى إخبارًا عن المشركين أنهم يقولون كفرًا وعنادًا: لولا يأتينا بآية من ربه كما أرسل الأولون، كما تعنتوا عليه أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، وأن يزيح عنهم الجبال، ويجعل مكانها مروجًا وأنهارًا، قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)[الإسراء] (٣)، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ أي: إنما عليك أن تبلغ رسالة الله التي أمرك بها، ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٧٢].

وقوله: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي لكل قوم داعٍ (٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس في الآية: يقول الله تعالى: أنت يا محمد منذر، وأنا هادي كل قوم (٥). وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وغير واحد (٦).

وعن مجاهد: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ أي: نبي (٧)، كقوله: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤]، وبه قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد (٨). وقال أبو صالح ويحيى بن رافع: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإرسال سعيد بن المسيب، وضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان.
(٢) في سنده نكارة، فإن الله تعالى لا يُرى في الدنيا لا في المنام ولا في اليقظة. وأما في الآخرة فنعم بدليل قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ [القيامة].
(٣) سيأتي عند هذه الآية رواية تعنت المشركين.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به ويتقوى بالآثار اللاحقة.
(٦) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند حسن من طريق قيس، وهو ابن سعد المكي، عن مجاهد، وقول سعيد بن جبير أخرجه الطبري من طرق يقوي بعضها بعضًا عن عطاء بن السائب عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه شيخ الطبري مبهم.
(٧) أخرجه الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا عن مجاهد.
(٨) قول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح عن طريق معمر عنه، وقول عبد الرحمن بن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب.