للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خلقكم طورًا من بعد طور، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)[المؤمنون].

وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا فيؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه، وعمره، وعمله، وشقي أو سعيد. . ." (١).

وفي الحديث الآخر: "فيقول الملك: أي رب أذكر أم أنثى؟ أي: رب أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيقول الله، ويكتب الملك" (٢).

وقوله: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا معن، حدثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله قال: "مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمهن إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله" (٣).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ يعني: السقط، ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ يقول: ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تمامًا، وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر، ومن تحمل تسعة أشهر، ومنهن من تزيد في الحمل، ومنهن من تنقصُ، فذلك الغيضُ والزيادة التي ذكر الله تعالى وكل ذلك بعلمه تعالى (٤).

وقال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ قال: ما نقصت من تسعة وما زاد عليها (٥).

وقال الضحاك: وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين، وولدتني وقد نبتت ثنيتي (٦).

وقال ابن جريج، عن جميلة بنت سعد، عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحرك ظل مغزل (٧).

وقال مجاهد: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ قال: ما ترى من الدم في حملها، وما تزداد


(١) صحيح البخاري، بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (ح ٣٢٠٨) وصحيح مسلم، القدر، باب كيفية خلق الآدمي (ح ٢٦٤٣).
(٢) صحيح مسلم، القدر، باب كيفية خلق الآدمي (ح ٢٦٤٥).
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، سورة الرعد، باب ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾ [الرعد: ٨] ح ٤٦٩٧).
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٥) أخرجه الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا عن الضحاك.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري.
(٧) أخرجه الطبري من طريق داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج به، وفي سنده جميلة بنت سعد ذكرها ابن أبي حاتم وسكت عنها (الجرح والتعديل ٩/ ٤٠٧)، ولهذا قال ابن حزم: مجهولة (المحلى ١٠/ ٣١٦).