للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حَبرٌ من أحبار اليهود، فقال: السلام عليك يا محمد، فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال: لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول: يا رسول الله؟ فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله : "إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي" فقال اليهودي: جئت أسألك، فقال رسول الله : "أينفعك شيئًا إن حدثتك؟ " قال: أسمع بأذني، فنكت (١) رسول الله بعود معه فقال: "سل" فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله : "هم في الظلمة دون الجسر" قال: فمن أول الناس إجازة (٢)؟ فقال: "فقراء المهاجرين"، فقال اليهودي: فما تُحفتهُم حين يدخلون الجنة؟ قال: "زيادة كبد الحوت" قال: فما غذائهم في أثرها؟ قال: "ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها" قال: فما شرابهم عليه؟ قال: "من عين فيها تسمى سلسبيلًا". قال: صدقت، قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان. قال: "أينفعك إن حدثتك؟ " قال: أسمع بأذني. قال: جئت أسألك عن الولد، قال: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا منيّ الرجل منيّ المرأة، أذكرا (٣) بإِذن الله تعالى، وإذا علا منيّ المرأة منيّ الرجل، أنثا بإذن الله" قال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي ثم انصرف، فقال رسول الله : "لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه، وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به" (٤).

قال أبو جعفر بن جرير الطبري: حدثنا ابن عوف، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي، عن أبي أيوب الأنصاري أن حبرًا من اليهود سأل النبي فقال: أرأيت إذ يقول الله تعالى في كتابه: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ فأين الخلق عند ذلك؟ فقال: "أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه" (٥). ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به (٦).

وقال شعبة: أخبرنا أبو إسحاق، سمعت عمرو بن ميمون، وربما قال: قال عبد الله، وربما لم يقل، فقلت له عن عبد الله فقال: سمعت عمرو بن ميمون يقول: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ قال: أرض كالفضة البيضاء نقية لم يسفك فيها دم ولم يعمل عليها خطيئة، ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي حفاة عراة كما خلقوا، قال: أراه قال: قيامًا حتى يُلجِمهم العرق (٧). وروي من وجه آخر عن شعبة، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود بنحوه، وكذا رواه عاصم عن زرّ، عن ابن مسعود به. وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون: لم يخبر به (٨)، أورد ذلك كله ابن جرير (٩).


(١) أي: ضرب بالعود الأرض.
(٢) أي: الجواز والعبور.
(٣) أي: كان الولد ذكرًا بإذن الله تعالى.
(٤) صحيح مسلم، الحيض، باب صفة مني الرجل والمرأة … (ح ٣١٥).
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف ابن أبي مريم، وهو أبو بكر بن عبد الله.
(٦) سنده ضعيف كسابقه.
(٧) أخرجه الطبري من طريق يحيى بن عباد عن شعبة به، وفيه ترد أبي إسحاق، ولكنه جزم في روايات أخرى أنه رواه عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود، وسنده صحيح.
(٨) أخرجه الثوري عن أبي إسحاق به.
(٩) أخرجها كلها الطبري مما تؤكد صحة الرواية.