للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: قلت لأبي أُسامة: أحدثكم أبو روق، واسمه: عطية بن الحارث، حدثني صالح بن أبي طريق قال: سألت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل سمعت رسول الله يقول في هذه الآية ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾؟ قال: نعم، سمعته يقول: "يخرج الله ناسًا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم" وقال: "لما أدخلهم الله النار مع المشركين، قال لهم المشركون: تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم، فتشفع لهم الملائكة والنبيون، ويشفع المؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله، فإذا رأى المشركون ذلك قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم - قال - فذلك قول الله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: يا رب أذهب عنا هذا الاسم، فيأمرهم فيغتسلون في نهر في الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم"؟ فأقرّ به أبو أُسامة، وقال: نعم (١).

(الحديث الرابع): قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا العباس [بن] (٢) الوليد النرسي، حدثنا مسكين أبو فاطمة، حدثني اليمان بن يزيد، عن محمد بن جبر، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله : "منهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه، على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهرًا ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها ثم يخرج منها، وأطولهم فيها مكثًا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فإذا أراد الله أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومَن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد: آمنتم بالله وكتبه ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء، فيغضب الله لهم غضبًا لم يغضبه لشيء فيما مضى، فيخرجهم إلى عين في الجنة، وهو قوله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ " (٣).

وقوله: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾ تهديد شديد لهم ووعيد أكيد، كقوله تعالى: ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ [إبراهيم: ٣٠].

وقوله: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)[المرسلات]، ولهذا قال: ﴿وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ﴾ أي: عن التوبة والإنابة ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ أي: عاقبة أمرهم.

﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (٤) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٥)﴾.

يخبر تعالى أنه ما أهلك قرية إلا بعد قيام الحجة عليها وانتهاء أجلها، وأنه لا يؤخر أُمة حان


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (ح ٨١٠٦)، وأخرجه ابن حبان من طريق عبد الله بن عمر بن أبان، عن أبي أُسامة به وصححه محققه شعيب الأرناؤوط (١٦/ ٤٥٧، ٤٥٨ ح ٧٤٣٢) وفيه صالح بن أبي طريف فيه مقال لكنه يتقوى بالشواهد السابقة ونسبه الهيثمي إلى الطبراني في المعجم الأوسط وقال: ورجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي وهو ثقة (مجمع البحرين ح ٤٨٢٠)، وصحح سنده السيوطي كما في الدر المنثور، وصححه الألباني في ظلال الجنة (ح ٨٤٤).
(٢) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل صحفت إلى: "عن".
(٣) وسنده ضعيف قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح وفيه جماعة مجاهيل (العلل المتناهية ٢/ ٤٥٦ ح ١٥٦٨)، وبعضه يتقوى بالشواهد السابقة المتعددة.