للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فجعلوا يصعدون فيه لما صدقوا بذلك، بل قالوا: ﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾.

قال مجاهد وابن كثير والضحاك: سدت أبصارنا (١).

وقال قتادة، عن ابن عباس: أخذت أبصارنا (٢).

وقال العوفي، عن ابن عباس: شبه علينا وإنما سحرنا (٣).

وقال الكلبي: عميت أبصارنا (٤).

وقال ابن زيد: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾، السكران الذي لا يعقل (٥).

﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠)﴾.

يذكّر تعالى خلقه السماء في ارتفاعها وما زينها به من الكواكب الثوابت لمن تأمل وكرر النظر فيما يرى من العجائب والآيات الباهرات، ما يحار نظره فيه، وبهذا قال مجاهد وقتادة: البروج ههنا هي الكواكب.

(قلت): وهذا كقوله : ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١)[الفرقان]. ومنهم من قال: البروج هي منازل الشمس والقمر.

وقال عطية العوفي: البروج ههنا هي قصور الحرس (٦). وجعل الشهب حرسًا لها من مردة الشياطين لئلا يسمعوا إلى الملأ الأعلى، فمن تمرَّد [وتقدم] (٧) منهم لاستراق السمع جاءه شهاب مبين فأتلفه، فربما يكون قد ألقى الكلمة التي سمعها قبل أن يدركه الشهاب إلى الذي هو دونه فيأخذها الآخر ويأتي بها إلى وليه، كما جاء مصرحًا به في الصحيح، كما قال البخاري في تفسير هذه الآية.

حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن أبي هريرة يبلغ به النبي قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان". قال علي، وقال غيره: صفوان ينفذهم ذلك، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: للذي قال الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر، ووصف سفيان بيده، وفرج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بعضها فوق بعض، فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي


(١) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول ابن كثير أخرجه الطبري بسند حسن من طريق ابن جريج عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري، ويتقوى بسابقيه.
(٢) أخرجه الطبري من طريق معمر عن قتادة به، وسنده منقطع لأن قتادة لم يسمع ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن الكلبي.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٦) سنده ضعيف لضعف العوفي والراوي عنه.
(٧) زيادة من (حم) و (مح).