للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه حتى يلقوها إلى الأرض، وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر أو الكاهن فيكذب معها مائة كذبة فيصدق، فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا؟ فوجدناه حقًا للكلمة التي سمعت من السماء (١).

ثم ذكر تعالى خلقه الأرض ومده إياها وتوسيعها وبسطها، وما جعل فيها من الجبال الرواسي، والأودية والأراضي والرمال، وما أنبت فيها من الزروع والثمار المتناسبة.

وقال ابن عباس: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ أي: معلوم (٢)، وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة وأبو مالك ومجاهد والحكم بن عتيبة والحسن بن محمد وأبو صالح وقتادة.

ومنهم من يقول: مقدر بقدر (٣).

وقال ابن زيد: من كل شيء يوزن ويقدر بقدر (٤).

وقال ابن زيد: ما يزنه أهل الأسواق.

وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ يذكر تعالى أنه صرفهم في الأرض في صنوف الأسباب والمعايش وهي جمع معيشة.

وقوله: ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ قال مجاهد: هي الدواب والأنعام (٥).

وقال ابن جرير: هم العبيد والإماء والدوابّ والأنعام (٦)، والقصد أنه تعالى يمتنُّ عليهم بما يسر لهم من أسباب المكاسب ووجوه الأسباب وصنوف المعايش، وبما سخر لهم من الدواب التي يركبونها، والأنعام التي يأكلونها، والعبيد والإماء التي يستخدمونها، ورزقهم على خالقهم لا عليهم، فلهم هم المنفعة، والرزق على الله تعالى.

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)﴾.

يخبر تعالى أنه مالك كل شيء وأن كل شيء سهل عليه يسير لديه، وأن عنده خزائن الأشياء


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه دون لفظ: "أو الكاهن" (الصحيح، التفسير، سورة الحجر، باب ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)﴾ [الحجر] ح ٤٧٠١).
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) قول سعيد بن جبير أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق حصين عنه بلفظ ابن عباس، وقول عكرمة أخرجه سفيان الثوري بسند حسن من طريق خُصيف عنه بلفظ: "بقدر"، وقول أبي مالك وأبي صالح أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح أو عن أبي مالك بلفظ: "بقدر"، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه بلفظ: "مقدور بقدر"، وقول الحكم بن عتيبة أخرجه الطبري من طريق عبد الله بن يونس عنه، وعبد الله بن يونس مجهول الحال (التقريب ص ٣٣٠) ويتقوى بما سبق، وقول الحسن بن محمد أخرجه الطبري وفيه عبد الله بن يونس فهو كسابقه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عنه.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد بنحوه.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) ذكره الطبري بلفظه.