للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من جميع الصنوف ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ كما يشاء وكما يريد، ولما له في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعباده لا على جهة الوجوب بل هو كتب على نفسه الرحمة.

قال يزيد بن أبي زياد، عن أبي جحيفة، عن عبد الله: ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يقسمه بينهم حيث شاء عامًا ههنا وعامًا ههنا، ثم قرأ ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١)﴾، رواه ابن جرير (١).

وقال أيضًا: حدثنا القاسم، حدثنا هشيم، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الحكم بن عتيبة في قوله: ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ قال: ما عام بأكثر مطرًا من عام ولا أقل، ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون بما كان في البحر، قال: وبلغنا أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس، وولد آدم يحصون كل قطرة حيث تقع وما تنبت (٢).

وقال البزار: حدثنا داود هو ابن بكير [التستري] (٣)، حدثنا حيان بن أغلب بن تميم، حدثني أبي، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "خزائن الله الكلام، فإذا أراد شيئًا قال له: كن، فكان" ثم قال: لا يرويه إلا أغلب وليس بالقوي، وقد حدث عنه غير واحد من المتقدمين، ولم يروه عنه إلا ابنه (٤).

وقوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ أي: تلقح السحاب فتدر ماء، وتلقح الشجر فتفتح عن أوراقها وأكمامها، وذكرها بصيغة الجمع ليكون منها الإنتاج بخلاف الريح العقيم، فإنه أفردها ووصفها بالعقيم وهو عدم الإنتاج، لأنه لا يكون إلا من شيئين فصاعدًا.

وقال الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود في قوله: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ قال: ترسل الريح فتحمل الماء من السماء، ثم تمر السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة (٥). وكذا قال ابن عباس وإبراهيم النخعي وقتادة (٦).

وقال الضحاك: يبعثها الله على السحاب فتلقحه فيمتلئ ماء.

وقال عُبيد بن عمير الليثي (٧): يبعث الله المبشرة فتقم الأرض قمًا، ثم يبعث الله المثيرة فتثير السحاب، ثم يبعث الله المؤلفة فتؤلف السحاب، ثم يبعث الله اللواقح فتلقح الشجر، ثم تلا ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ (٨).

وقد روى ابن جرير من حديث عبيس بن ميمون، عن أبي المُهزِّم، عن أبي هريرة، عن


(١) أخرجه الطبري من طريق يزيد بن أبي زياد به، وسنده ضعيف لضعف يزيد.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده الحسين وهو ابن داود ضعيف، ومتنه لا يؤخذ إلا عن صحابي.
(٣) زيادة من (حم).
(٤) سنده ضعيف لضعف أغلب بن تميم، قال البخاري: منكر الحديث (لسان الميزان ١/ ٤٦٤).
(٥) أخرجه الطبري من طريق الأعمش به، وسنده حسن.
(٦) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عنه، ويتقوى بما يليه، إذ قول إبراهيم النخعي أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق الأعمش عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري، ويتقوى بما سبق.
(٨) أخرجه الطبري وأبو الشيخ (العظمة ح ٧١٩) كلاهما بسند صحيح من طريق حبيب بن أبي ثابت عنه عُبيد بن عمير.