للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور، عن شعيب، عن أنس بن مالك أن رسول الله كان يدعو: "أعوذ بك من البخل والكسل والهرم، وأرذل العمر وعذاب القبر، وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات" (١). ورواه. . . (٢).

وقال زهير بن أبي سلمة في معلقته المشهورة:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعشْ … ثمانين عامًا لا أبا لك (٣) يسأم

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب … تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم (٤)

﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٧١)﴾.

يبيِّن تعالى للمشركين جهلهم وكفرهم فيما زعموه لله من الشركاء، وهم يعترفون أنها عبيد له كما كانوا يقولون في تلبيتهم في حجهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك، فقال تعالى منكرًا عليهم: أنتم لا ترضون أن تساووا عبيدكم فيما رزقناكم، فكيف يرضى هو تعالى بمساواة عبيد له في الإلهية والتعظيم، كما قال في الآية الأخرى: ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ﴾ الآية [الروم: ٢٨].

قال العوفي، عن ابن عباس في هذه الآية: يقول لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم، فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني؟ فذلك قوله: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ (٥).

وقال في الرواية الأخرى عنه: فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم (٦)؟

وقال مجاهد في هذه الآية: هذا مثل الآلهة الباطلة (٧).

وقال قتادة: هذا مثل ضربه الله، فهل منكم من أحد يشاركه مملوكه في زوجته وفي فراشه، فتعدلون بالله خلقه وعباده؟ فإن لم ترض لنفسك هذا، فالله أحق أن ينزه منك (٨).

وقوله: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ أي: أنهم جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا،


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ [النحل: ٧٠] ح ٤٧٠٧).
(٢) كذا في الأصول الخطية وفي الأصل بياض بعد ورواه، ولعل تتمته: ورواه مسلم، فقد أخرجه مسلم من طريق هارون بن موسى الأعور به (الصحيح، الذكر والدعاء، باب التعوذ من العجز والكسل ح ٢٧٠٦/ ٥٢).
(٣) كلمة تستعمل في التعبير عند الغلظة وتشديد الأمر.
(٤) ديوان زهير ص ٢٩.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس بنحوه.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن ابن عباس، وهو لم يلق ابن عباس.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بنحوه.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة بنحوه.