للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالدين، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام، ولهذا قال: ﴿وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

ثم قال تعالى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ أي: لا تعتاضوا عن الأيمان بالله عرض الحياة الدنيا وزينتها، فإنها قليلة، ولو حيزت لابن آدم الدنيا بحذافيرها لكان ما عند الله هو خير له؛ أي: جزاء الله وثوابه خير لمن رجاه وآمن به وطلبه وحفظ عهده رجاء موعوده ولهذا قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩٥)

﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ﴾ أي: يفرغ وينقضي فإنه إلى أجل معدود محصور مقدر متناه ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ أي: وثوابه لكم في الجنة باقٍ لا انقطاع ولا نفاد له، فإنه دائم لا يحول ولا يزول ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قسم من الرب تعالى متلقى باللام، أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم؛ أي: ويتجاوز عن سيئها.

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)﴾.

هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى، من بني آدم وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت.

وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب (١).

وعن علي بن أبي طالب أنه فسرها بالقناعة (٢)، وكذا قال ابن عباس وعكرمة ووهب بن منبه (٣).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنها هي السعادة (٤).

وقال الحسن ومجاهد وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة (٥).

وقال الضحاك: هي الرزق الحلال (٦) والعبادة في الدنيا.

وقال الضحاك أيضًا: هي العمل بالطاعة والانشراح (٧) بها، والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله.

كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي


(١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أبي مالك عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق رجل مبهم عن علي .
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن الحسن البصري، وفيه الحسين وهو ابن داود ضعيف.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٥) قول الحسن أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عوف الأعرابي عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين أيضًا وهو ابن داود، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه ابن وكيع وهو سفيان فيه مقال.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه بشر بن عمارة وهو ضعيف.